أسطول سيارات الجماعات الترابية… نزيف صامت للمال العام في غياب ضوابط واضحة

هاشتاغ
يستمر ملف تدبير سيارات وآليات الجماعات الترابية وهيآتها في إثارة الجدل، في ظل ما يعتبره مراقبون “نزيفًا صامتًا” للمال العام، بسبب غياب إطار قانوني واضح يحدد معايير الاقتناء والاستخدام والصيانة. فرغم التحذيرات المتكررة الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات في تقاريره السنوية، ما زال هذا الملف خارج دائرة الإصلاح الجدي.

تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2023-2024 كشف بالمعطيات أن الجماعات الترابية تتحمل كلفة مالية ضخمة لتسيير حظيرة السيارات والآليات، دون وجود قواعد دقيقة للشفافية والحكامة، على عكس ما هو معمول به في القطاعات الوزارية المؤطرة قانونًا. ويؤكد خبراء أن هذا الفراغ التشريعي يسمح بسوء استعمال السيارات لأغراض شخصية أو غير مهنية، ما يشكل هدرًا لموارد عمومية ثمينة.

النائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة، عن حزب الحركة الشعبية، وجهت سؤالًا كتابيًا إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، دعت فيه إلى إرساء إطار قانوني عاجل يضبط هذا القطاع ويضع حدًا للتسيب في تدبيره، مشددة على أن غياب الضوابط يؤدي إلى “تآكل” ميزانيات الجماعات بدل توجيهها إلى مشاريع تنموية مستعجلة.

ويرى متابعون أن استمرار هذا الوضع يُضعف ثقة المواطنين في المؤسسات ويعطي انطباعًا بأن أساطيل سيارات الجماعات الترابية أصبحت امتيازًا شخصيًا لا أداة لخدمة الشأن العام. ويطالب هؤلاء بتشديد المراقبة الميدانية ووضع دفاتر تحملات واضحة وإجراءات زجرية لضمان حسن التدبير وعقلنة النفقات.

الرسالة التي يبعثها هذا الملف، وفق محللين، هي أن الإصلاح لم يعد خيارًا بل ضرورة ملحّة، وأن استمرار “الفوضى” في تسيير سيارات وآليات الجماعات يشكل اختبارًا حقيقيًا لجدية الحكومة في ترسيخ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.