هاشتاغ _ الرباط
أطلقت وزارة الدفاع الإسبانية عملية عسكرية واسعة النطاق تحت اسم “سينيرجيا 25”، في خطوة غير مسبوقة تعكس تصاعد التوتر مع المغرب بشأن عدد من الملفات الترابية والسيادية. وتشمل العملية انتشاراً منسقاً للقوات البرية والبحرية والجوية في مناطق تعتبرها مدريد حيوية لأمنها القومي، من أبرزها مضيق جبل طارق والبحر المتوسط الغربي وجزر الكناري، إضافة إلى مدينتي سبتة ومليلية والجزر والصخور الخاضعة للسيادة الإسبانية قبالة السواحل المغربية.
على المستوى البري، نقلت إسبانيا وحدات من الفيلق الإسباني إلى جزر تشافاريناس، بما في ذلك إيزابيل الثانية وكونغريسو والملك، لتعزيز المراقبة ورفع مستوى اليقظة في هذه النقاط الحساسة. كما نفّذ فوج المهندسين رقم 8 دوريات استطلاعية في مليلية في إطار مهام “الحضور غير الدائم”.
بحرياً، تمركز زورق الدورية “سنتينيلا” في مضيق جبل طارق لمراقبة حركة الملاحة، فيما تولت الفرقاطة “ريينا صوفيا” تعقب غواصة روسية وسفينة إمداد قبل أن ترسو في مليلية. وفي الأرخبيل الكناري، تواصل سفينة Tornado القيام بدوريات لمراقبة السواحل، بينما ينفذ الزورق Isla de León مهاماً مماثلة قرب سبتة والجزر المجاورة.
وفي الجو، عزز سلاح الجو الإسباني حضوره بطلعات لطائرة استطلاع من طراز D4 انطلاقاً من قاعدة سون سان خوان في مايوركا لمراقبة بحر البوران دعماً للقيادة البحرية. كما نشر فوج المدفعية الساحلية رقم 4 أنظمة استشعار ومدفعية في منطقة Campo de Gibraltar، مما يعزز القدرات الدفاعية الساحلية لمتابعة حركة السفن في واحد من أهم الممرات البحرية العالمية.
هذا التحرك العسكري ترافق مع مناورات أخرى مثل Eagle Eye 25-03 في جزر الكناري وJoint Shield 3-25 في مضيق جبل طارق، في إطار خطط توحيد قدرات القوات البرية والبحرية والجوية وتأمين رد سريع على أي طارئ. ومن المنتظر أن يستمر الانتشار إلى غاية الأحد المقبل، في إطار ما تعتبره مدريد إجراءات دفاع وقائية لحماية مصالحها الاستراتيجية والتزاماتها الدولية.
ويرى محللون عسكريون إسبان أن العملية تحمل رسالة ردع واضحة تجاه المغرب الذي يواصل تأكيد مطالبه بسيادته على سبتة ومليلية والجزر القريبة. ويعتبر هؤلاء أن التعبئة العسكرية الواسعة تعكس تفوق إسبانيا النوعي في المنطقة وتبرز جاهزيتها لحماية أراضيها وتأمين طرق الملاحة الدولية. كما يشددون على أن هذه التحركات تهدف إلى طمأنة سكان الأقاليم الخاضعة للسيادة الإسبانية في شمال إفريقيا، وإظهار استعداد مدريد لمواجهة أي سيناريو قد يهدد استقرارها أو يضغط على مصالحها الاستراتيجية.
وليس هذا التحرك الأول من نوعه، إذ سبق لإسبانيا أن نفذت في السنوات الأخيرة عمليات “الحضور والمراقبة والردع” في سبتة ومليلية والجزر المجاورة، إضافة إلى جزر الكناري والبليار، لضمان وجود عسكري محسوس ومنع أي اختراق خارجي. كما تضمنت هذه العمليات دوريات بحرية وجوية لمراقبة الأنشطة غير النظامية مثل التهريب والهجرة غير الشرعية، فضلاً عن رصد وحدات بحرية أجنبية.
وبذلك، تواصل مدريد عبر “سينيرجيا 25” نهجها القائم على تكثيف الحضور العسكري في المناطق غير القارية القريبة من المغرب، بالاعتماد على تنسيق شامل بين القوات البرية والبحرية والجوية، ومراقبة الممرات البحرية والحدود البرية في سياق إقليمي يتسم بتصاعد التوترات الدبلوماسية والأمنية.