أخنوش يبيع الوهم والتهراوي يعيد تدوير البلاغات… والمغاربة يحتضرون في المستشفيات العمومية

هاشتاغ _ الرباط

المغاربة يشتكون من خدمات المستشفيات العمومية، والحكومة ترد بالأرقام. مشهد يتكرر منذ سنوات لكنه بلغ ذروته هذه الأيام مع تصاعد الغضب الشعبي إثر الكارثة الصحية التي انفجرت بمستشفى الحسن الثاني بأكادير. صور المرضى الممددين على الأرض، وأمهات يلدن في ظروف غير صحية وإنسانية، ومرضى ينتظرون الموت بدل العلاج، فضحت واقعا لم يعد قابلا للتستر.

في خضم هذا الغليان، خرج رئيس الحكومة عزيز أخنوش على شاشتي الأولى والثانية ليقدم ما سماه حصيلة حكومته في الصحة والحماية الاجتماعية. تحدث عن 24 مليون مستفيد من التغطية الصحية الشاملة، وعن عشرات المليارات المخصصة لدعم الفئات الهشة. لكن هذه الأرقام لم تُقنع أحدا. الناس الذين يصطدمون يوميا بواقع المستشفيات العمومية يعرفون أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لإطفاء غضب متصاعد.

ولم الوزير الجديد أمين التهراوي أحسن حالا، إذ أعلن عن قرارات وصفها بالعاجلة لتأهيل مستشفى الحسن الثاني بأكادير، والرفع من مستوى خدمات النظافة والحراسة، وتخصيص 200 مليون درهم لإعادة التأهيل. غير أن الوثائق الرسمية كشفت أن هذه المشاريع سبق توقيعها أو إطلاقها منذ شهور طويلة، بعضها في عهد سلفه خالد آيت الطالب. تصريحات الوزير بدت كأنها إعادة تدوير لبلاغات قديمة، ومحاولة لتسويق قرارات مبرمجة سلفا على أنها استجابة فورية للأزمة.

المعارضة لم تفوت الفرصة لتكشف تناقض الخطاب الحكومي. برلمانيون من مختلف الأحزاب تحدثوا عن انهيار حقيقي للخدمات الصحية، من سوس ماسة إلى الدار البيضاء ومن وجدة إلى الداخلة، حيث يعيش المرضى في ظروف لا تليق بالبشر. الغضب الشعبي ترجم إلى دعوات على مواقع التواصل للاحتجاج يومي 27 و28 شتنبر تحت شعار “من أجل التعليم والصحة”، لكن السلطات سارعت إلى إصدار قرارات منع، بدعوى الحفاظ على النظام العام، في وقت يرى فيه المواطنون أن الخطر الحقيقي على الأمن هو انهيار المستشفى العمومي.

ولكن رئيس الحكومة ومعه الوزير الوصي على القطاع الصحي اختار أن يخرج ببلاغاته قبل أن ينفجر الغضب الشعبي في الشارع. لكنهما صرحا بأرقام لم تُسعف حكومت “زعيم الحمامة” في إقناع أحد، بل زادت من الهوة بين لغة الحكومة وواقع الناس. المغاربة لا يطلبون بيانات تقنية ولا بلاغات مزوقة، بل حقهم البسيط في العلاج بكرامة، في مستشفى عمومي لا يحكم عليه بالفشل قبل الدخول إليه. بين وعود الحكومة وشهادات المرضى تتكشف حقيقة واحدة تتجلى في كون أن الصحة في المغرب تعيش على حافة الانهيار، وأن الوهم لا يعالج جراح الواقع.