هاشتاغ
لم يكن اجتماع رئاسة الأغلبية الحكومية، مساء الثلاثاء 30 شتنبر 2025 بالرباط، سوى محاولة متأخرة للهروب إلى الأمام، بعد أن أرغمتها احتجاجات الشباب الغاضب على الخروج من صمتها المربك. فالأصوات التي صدحت في الشوارع، والتي أربكت المشهد السياسي وفضحت عجز الحكومة عن التواصل، أجبرت قادة الأحزاب الثلاثة الكبرى على الجلوس إلى الطاولة بعدما تجاهلوا لأسابيع تصاعد الغضب الشعبي.
عزيز أخنوش، نزار بركة، ومحمد المهدي بنسعيد، وجدوا أنفسهم مجتمعين ليس بحكم إرادة سياسية أو وعي استباقي، بل بسبب قوة الشارع التي أحرجت الجميع وكشفت هشاشة خطاب الأغلبية. اللقاء الذي قُدم كـ”تشاور سياسي” لم يكن سوى محاولة لترقيع صورة متصدعة، بعدما فشلت الحكومة في تقديم أجوبة عملية على الأزمة الاجتماعية المتفاقمة.
بلغةٍ أقرب إلى التبرير منه إلى الالتزام، تحدثت رئاسة الأغلبية عن “تفهمها” لمطالب الشباب، متناسية أن هذه المطالب ليست جديدة، بل تراكمت منذ سنوات دون أي تجاوب جدي. كما لجأت إلى تلميع صورة الأجهزة الأمنية بالحديث عن “تفاعل متوازن”، في وقت يتساءل الشارع عن جدوى حكومة عاجزة عن المبادرة وتترك الحل في يد المقاربة الأمنية.
وفي ما يتعلق بملف الصحة، الذي فجّر موجة الاحتجاجات، اعترفت الأغلبية بوجود اختلالات مزمنة لكنها حاولت التملص من المسؤولية بإحالتها على “تراكمات الماضي”. أما وعودها بإصلاحات مستقبلية طويلة المدى، فلا تزيد الشارع إلا غضباً، إذ يرى فيها خطاباً مملاً يعيد إنتاج نفس الوعود التي ظلت حبيسة الأوراق الانتخابية.
ختام الاجتماع لم يأت بجديد: نفس الأسطوانة المشروخة حول استكمال البرنامج الحكومي، إصلاح الصحة والتعليم، تمكين الشباب، مواجهة تحديات الماء والسكن… شعارات وعبارات إنشائية لم تعد تقنع أحداً. الشارع الذي أجبر الحكومة على الكلام، يبدو اليوم أكثر وعياً من أي وقت مضى بأن الوعود لا تكفي، وأن الضغط وحده هو الذي يحرّك الأغلبية ويخرجها من سباتها.