هاشتاغ
في بلد يعيش فيه المواطن المغربي على وقع الغلاء المتصاعد وتدهور القدرة الشرائية، يخرج الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، ليضع النقاط على الحروف: ما يجري في سوق المحروقات ليس اقتصاد سوق ولا حرية أسعار، بل نهب منظم ومقنن لجيوب المواطنين، برعاية حكومية وصمتٍ رسميٍّ مريب.
اليماني كشف، بالأرقام، أن السعر الحقيقي والعادل للغازوال في المغرب لا يجب أن يتجاوز 9.1 دراهم، بينما البنزين لا ينبغي أن يتخطى 9.9 دراهم. لكن الواقع مختلف تماماً: الغازوال يُباع بـ10.7 دراهم والبنزين بـ12.7 درهما! الفرق ليس مجرد هامش ربح… بل سرقة موصوفة باسم التحرير، إذ تحقق شركات التوزيع أرباحاً صافية تصل إلى 1.6 درهم في الغازوال و2.8 درهم في البنزين، بعدما كانت لا تتعدى 0.6 درهم قبل 2015.
الأرقام أكثر فداحة عندما تُجمع: المغرب يستهلك نحو 8 مليارات لتر سنوياً، أي أن الأرباح الزائدة تتجاوز 9 مليارات درهم كل سنة، ما يعادل 90 مليار درهم خلال عشر سنوات! أموال كافية لبناء مئات المدارس والمستشفيات، لكنها ذهبت إلى حسابات شركات محظوظة استفادت من قرار “تحرير” الأسعار الذي أطلقته حكومة عبد الإله بن كيران سنة 2015 تحت شعار الإصلاح… ليتحوّل إلى أكبر عملية نقل للثروة من جيوب الفقراء إلى جيوب الأثرياء.
النقابي اليماني لم يكتفِ بالأرقام، بل وجّه اتهاماً مباشراً للحكومة الحالية بـ“الاختباء خلف السوق الدولية”، في حين أن جزءاً كبيراً من الارتفاع “محلي الصنع” بفعل الضرائب العالية وجشع الموزعين، وغياب مصفاة “لاسامير” التي كانت ستوفر توازناً واستقلالية في التكرير والتخزين.
اليوم، وبعد عقد من “التحرير”، يجد المواطن نفسه يملأ خزان سيارته بالديون، بينما تملأ شركات الوقود خزائنها بالأرباح. التحرير تحول إلى استعباد اقتصادي، والسوق إلى غابةٍ يربح فيها القوي ويُسحق فيها الضعيف.