هاشتاغ
في خطوة تكشف حجم الارتباك الذي يعيشه بعد موجة الانتقادات العاصفة التي طالته، لجأ إدريس لشكر، الكاتب الأول الممدد لنفسه على رأس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال المؤتمر الوطني الثاني عشر المنعقد نهاية الأسبوع ببوزنيقة، إلى تعبئة “جيش إلكتروني” من بعض الصحفيين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لتلميع صورته وتبييض مشهد التمديد الذي وُصف داخل الأوساط الاتحادية بـ”الفضيحة التنظيمية غير المسبوقة”.
وحسب مصادر موثوقة تحدثت لموقع “هاشتاغ”، فإن لشكر كلّف مقربين منه بالتواصل المباشر مع عدد من الصحفيين الذين يقدّمون أنفسهم كـ”مؤثرين” على المنصات الرقمية، من أجل كتابة تدوينات تمجّد ما جرى في المؤتمر، وتدافع عن “شرعية” التمديد له، بل وتصفه بـ”الزعيم الضروري لاستقرار الحزب”، مقابل مبالغ مالية وأشياء أخرى.
وتضيف مصادر موقع “هاشتاغ” أن بعض هؤلاء “المؤثرين” تلقّوا توجيهات تتعلق بنوعية الخطاب المطلوب تبنيه، والذي يقوم على تسويق رواية مفادها أن المؤتمر شكّل لحظة ديمقراطية ناجحة، وأن القواعد الحزبية هي من طالبت بتمديد ولاية لشكر، في محاولة لتغيير اتجاه النقاش العمومي على المنصات الرقمية، بعد أن طغت عليه موجة السخرية والغضب من الطريقة التي تم بها تعديل القانون الأساسي لإتاحة ولاية رابعة للكاتب الأول.
في المقابل، عبّر عدد من الاتحاديين الغاضبين عن استيائهم مما وصفوه بـ”عملية تزييف منظمة للرأي العام”، مؤكدين أن ما وقع في بوزنيقة ليس مؤتمراً بالمعنى الديمقراطي، بل مسرحية سياسية أُخرجت بعناية لتكريس هيمنة القيادة الحالية، معتبرين أن ما يجري “يمسّ في العمق إرث الاتحاد الاشتراكي الذي كان يوماً مدرسة في النزاهة والنضال”.
ولم تخف المصادر ذاتها أن بعض الصحفيين الذين شاركوا في حملة التلميع قاموا بتنسيق منشوراتهم في التوقيت والمضمون، لتبدو وكأنها ردود تلقائية من الرأي العام، فيما هي في الحقيقة جزء من خطة تواصل مُعدّة سلفاً لتلميع صورة إدريس لشكر وتخفيف حدة الانتقادات التي لاحقته منذ لحظة تعديل القانون الداخلي للحزب.
وتزامنت الحملة الرقمية التي انطلقت بعيد اختتام المؤتمر، مع تسريبات من داخل الحزب تؤكد وجود غضب واسع داخل عدد من الأجهزة الجهوية والإقليمية، بعد أن جرى تغييبهم عن النقاشات الفعلية، وفرض التمديد من فوق، دون أي آلية تشاورية حقيقية، وهو ما اعتُبر “طعنة في قلب الاتحاد وقيمه الديمقراطية”.
ووفق نفس المصادر المتحدثة لموقع “هاشتاغ”، فإن ادريس لشكر راهن اليوم على “التحكم في الصورة” أكثر من “السيطرة على المضمون”، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من هيبته السياسية بعد أن تحوّل مؤتمر بوزنيقة إلى حدث فاضح في الذاكرة الحزبية المغربية، كشف أن الحزب الذي حمل شعارات النضال والديمقراطية لعقود، أصبح رهينة “التوريث السياسي”.
ويبدو أن إدريس لشكر لا يكتفي بالتمديد لنفسه داخل الحزب، بل يسعى أيضاً إلى تمديد حضوره الافتراضي داخل الفضاء الرقمي عبر جيوش من الكتّاب المأجورين، في واقع يلخص سقوط “الوردة” في اختبار الأخلاق السياسية، وتحولها من رمز للمصداقية إلى عنوان للتزييف الممنهج للرأي العام.