كريم الاحمدي/هاشتاغ
مرة أخرى، ينجح إدريس لشكر في تمرير مسرحية سياسية داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لكن هذه المرة بلغة الأرقام التي تكشف حجم التلاعب وتفضح ما يجري خلف الكواليس داخل الحزب الذي كان يوماً مدرسة للنزاهة والاختلاف الديمقراطي.
فبينما يعلن لشكر أن الحزب يضم 50 ألف عضواً يتحدث عبد الرحيم شهيد عن 80 ألفا والمهدي مزواري عن 1700 مؤتمِر، أما البرلمانية القادمة من الجهة الشرقية فتقول إن عدد المؤتمرين بلغ 3000.
ومع كل هذا التضارب الفاضح لم يتجاوز الحضور الفعلي لأشغال ما سمي بـ“المؤتمر الوطني” 200 مؤتمِر فقط!
ورغم هذا العدد الهزيل، تم التصويت على الملتمس الذي رفعه المجلس الوطني من طرف هؤلاء الـ200، مقابل 35 صوتاً معارضاً فقط، في مشهد يختزل ما تبقى من ديمقراطية الحزب الذي حمل يوماً شعارات “الحرية، والكرامة، والمساءلة”.
لكن الأخطر، أن هذا الملتمس الذي فُصِّل على مقاس الكاتب الأول يعاني من اختلالات قانونية وتنظيمية خطيرة:
1. انتهاء ولاية المجلس الوطني بمجرد الإعلان عن المؤتمر وتشكيل اللجنة التحضيرية، ما يعني أن المجلس فقد صلاحياته ولا يحق له قانوناً رفع ملتمسات أو تعديل مواد النظام الأساسي.
2. تغيير المادتين المتعلقتين بالولاية الرابعة كان يفترض أن يسبقه تصويت واضح وصريح على مقترح التمديد، قبل فتح باب الترشيحات لجميع المناضلين، لضمان تنافس ديمقراطي شفاف.
3. التمديد يجب أن يخص المنصب لا الشخص، لأن الحزب مؤسسة وليس ضيعة شخصية، والمؤسسات لا تُفصل على المقاس السياسي للكاتب الأول.
4. من الناحية العددية، أقل من الخُمس هم من صوتوا لصالح التمديد، في حين أن النظام الأساسي للحزب ينص بوضوح على أن انتخاب الكاتب الأول في الجولة الأولى يجب أن يتم بالأغلبية المطلقة.
بهذا الشكل يكون إدريس لشكر قد ضرب آخر مسمار في نعش الاتحاد الاشتراكي، الحزب الذي صنع رموزاً فكرية وسياسية كبرى، قبل أن يتحول اليوم إلى إقطاعية سياسية مغلقة تحكمها منطق الولاء والصفقات.
إن ما وقع ليس مجرد مؤتمر استثنائي بل جريمة سياسية مكتملة الأركان، حيث تم التلاعب بالقانون والنظام الداخلي، وتم إقصاء المناضلين وتحولت أجهزة الحزب إلى أدوات طيّعة بيد شخص واحد، يرى في الحزب سلماً نحو السلطة لا مشروعاً مجتمعيا للتغيير.
باختصار:
الاتحاد الاشتراكي الذي كان يوماً صوت الشعب صار اليوم صوت إدريس لشكر وحده.
والأرقام… لا تكذب.