وزيران من حكومة العدالة والتنمية في قلب فضيحة إسبانية

ع.ب/برشلونة
في تطور صادم يعيد فتح النقاش حول محاولات التأثير الأجنبي داخل المشاريع الاستراتيجية بالمغرب، كشفت وثائق تابعة للوحدة المركزية التشغيلية (UCO) بالحرس المدني الإسباني، ضمن ملف “قضية كولدو” أو ما بات يعرف إعلاميًا بفضيحة “الـ2%”، عن اتصالات مباشرة مع وزيرين مغربيين سابقين في حكومة العدالة والتنمية، في سياق تحركات شبكة فساد إسبانية سعت للحصول على امتيازات داخل مشروع ميناء القنيطرة الضخم.

المحكمة العليا الإسبانية أفرجت مؤخرا عن سانتوس سيردان، القيادي السابق في الحزب الاشتراكي (PSOE)، بعد خمسة أشهر من الاعتقال الاحتياطي، معتبرة أن “مخاطر إتلاف الأدلة أصبحت أقل”.

لكن الإفراج القضائي لم يمنع من انفجار الجدل إذ تضمن التحقيق إشارات واضحة إلى محاولات تأثير سياسي واقتصادي داخل المغرب.

التقرير الإسباني يصف سيردان بأنه “الرابط الرئيسي بين السياسة والأعمال”، ويكشف أن لديه اتفاقا سريا يتيح له التحكم بـ45% من شركة “سيرفينابار”، التي يُشتبه بأنها حصلت على عمولات غير قانونية مقابل ترتيب صفقات عمومية.

وفي وثيقة بتاريخ 28 ديسمبر 2018 نقل سيردان إلى كولدو غارسيا، الذراع التنفيذي للوزير السابق أبالوس، بيانات الاتصال الخاصة بالوزيرين المغربيين عبد القادر عمارة وعزيز رباح، واصفا رباح بأنه “رجل ثقة كاملة”.

وجاءت هذه الاتصالات في سياق التمهيد لزيارة رسمية قادها خوسيه لويس أبالوس إلى الرباط بين 24 و26 يناير 2019، حيث جرت لقاءات مع رئيس الحكومة آنذاك سعد الدين العثماني، ومع الوزيرين رباح وعمارة، في وقت كانت فيه شركات إسبانية تتنافس بشراسة للفوز بصفقة ميناء القنيطرة البالغة 442 مليون يورو.

التحقيقات تشير إلى أن الشبكة التي بلغت قيمتها 6.7 ملايين يورو امتدت إلى المغرب والغابون، وسعت إلى استغلال العلاقات الرسمية لتسهيل صفقات لشركات مثل “أكسيونا” و”سيرفينابار”.

وقبل يومين فقط من الزيارة، وقعت الشركتان مذكرة تفاهم لتقاسم عمولة 2% في حال نجاح الصفقة.

وفي 14 يناير 2019 أرسل سيردان إلى كولدو ملخصًا تنفيذيا حول مشروع الميناء، في خطوة تُظهر أن استعدادات الضغط كانت ممنهجة ومبكرة.

وكشفت رسائل متبادلة بين رجال الشبكة، من ضمنها رسائل أرسلها ألونسو، مدير “سيرفينابار”، عن ضغط على الجانب المغربي، وكلمات مثل: “يتم الضغط عليهم من هنا” ، التي وجهها إلى مدير “أكسيونا”.

كما تظهر مراسلات غارسيا المتهم الرئيسي. صورا شخصية من الرحلة الرسمية إلى الرباط مع رسالة قصيرة كتب فيها: للاستخدام الخاص فقط، لا تُنشريها… ما يعزز الطابع السري للتحركات.

رغم ورود اسمي عبد القادر عمارة وعزيز رباح كجهات اتصال رئيسية في الوثائق الإسبانية، إلا أن التحقيق لا يوجه إليهما أي اتهام مباشر، بل يضع تصرفات الجانب الإسباني في خانة محاولة التأثير السياسي عبر استغلال الشخصيات الرسمية.

غير أن مجرد ورود أسماء وزراء مغاربة في ملف فساد واسع الانتشار داخل إسبانيا يعد سابقة خطيرة تعيد طرح أسئلة حول شفافية العلاقات الثنائية، وحول كيفية تسلل شبكات ضغط أجنبية إلى مشاريع استراتيجية في المغرب.

الفضيحة أحدثت زلزالًا داخل المشهد السياسي الإسباني، وعلق عليها مصدر في الحزب الاشتراكي قائلا بمرارة: لا يمكننا الشعور بمزيد من الخجل.

في المقابل اعتبر رئيس الحكومة بيدرو سانشيز أن الأمر هجوم سياسي على الحكومة، بينما صعد زعيم المعارضة نونيز فييخو هجومه قائلاً:
هل يجب دائمًا تخصيص 2% للحزب الاشتراكي لإنجاز أي شيء؟