هاشتاغ
بعد ثلاث سنوات من استقراره بمدينة بورنيشيه الهادئة غرب فرنسا، ما يزال البشير بن بركة، نجل المعارض المغربي الشهير المهدي بن بركة، يعيش على إيقاع جرح لم يندمل منذ ستين عامًا.
الرجل، البالغ اليوم 75 سنة يواصل ما يعتبره “معركة العمر”: الوصول إلى الحقيقة الكاملة حول مصير والده الذي اختُطف في قلب باريس سنة 1965، في واحدة من أكثر القضايا السياسية غموضًا في التاريخ المعاصر.
في 29 أكتوبر 1965، كان البشير تلميذا في الخامسة عشرة من عمره حين فوجئ بخبر توقيف والده أمام brasserie Lipp في جادة سان جيرمان بباريس، على يد شخصين يحملان بطاقة شرطة فرنسية.
نقل بعدها المهدي بن بركة إلى فيلا بضواحي العاصمة، قبل أن ينقطع أثره نهائيا دون العثور على جثمانه أو أدلة مادية حاسمة.
منذ ذلك الحين، تعاقبت النظريات حول طريقة التخلص منه، بين “إذابته في حوض من الحمض” أو “دفنه سرًّا في غابة”، وصولًا إلى فرضية “تهريب رأسه إلى المغرب”.
بالنسبة للبشير، ليست هذه سوى روايات هدفت إلى تضليل العدالة وإبعاد الأنظار عن الجناة الحقيقيين.
بعد ستة عقود، ما يزال الملف في ردهات القضاء الفرنسي، وقد تعاقب عليه 14 قاضي تحقيق منذ أول شكاية تقدّم بها عمّ بن بركة سنة 1965.
بشير يؤكد أن القضية “سياسية بامتياز”، محمّلًا مسؤوليتها للسلطات المغربية في تلك الحقبة، مع “تورط أطراف فرنسية وإسرائيلية وأمريكية”، على حد تعبيره.
وفي 2024، حاول إحياء الملف عبر رسالة مفتوحة وجّهها إلى الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكنها لم تتلقَّ أي رد رسمي.
ورغم التقدّم في السن، يواصل البشير نشاطه من خلال مؤسسته العلمية المخصّصة لإحياء إرث والده، وتنظيم لقاءات ومحاضرات دولية. ما يقلقه اليوم، كما يقول، هو أن يرحل دون أن يرى الحقيقة، “فيُضطر أحفاده لحمل هذا العبء من بعده”.






