كشفت السلطات الإسبانية عن تفكيك شبكة واسعة للاتجار بالبشر تنشط بين المغرب وسبتة والجزيرة الخضراء، تورّط فيها أفراد من الجمارك البحرية، وصيادون، وحتى موظفون مغاربة، وفق ما أعلنته الحرس المدني الإسباني في تقرير مفصل حول العملية.
وبحسب التحقيقات التي أوردتها صحيفة إلفارو دي سبتة، فقد اعتمدت الشبكة على مخطط محكم يقوم على شراء ذمم عناصر من مختلف المهن، بهدف تسهيل عبور المهاجرين غير النظاميين عبر مضيق جبل طارق. وأظهرت المكالمات الهاتفية التي تم اعتراضها طلب أفراد الشبكة “وضع بعض الجندار المغاربة تحت تصرّفهم”، مقابل مبالغ مالية تُدفع عند كل رحلة تهريب.
وأوضحت الحرس المدني أن المنظمة كانت تعمل على جانبي المضيق، ضمن هيكلة دقيقة توزعت فيها المهام بين المغرب وسبتة والجزيرة الخضراء. فقد كان المجنِّدون ينشطون داخل الأراضي المغربية، فيما يتولى أعضاء آخرون مراقبة السواحل في سبتة، وتدبير المساكن السرية التي تُخفى فيها المجموعات قبل الانطلاق. وفي الضفة الأخرى، كان وسطاء يستقبلون المهاجرين لإكمال مسارهم نحو الداخل الإسباني.
كما ضبطت المصالح الأمنية ثلاثة منازل تستعمل لإيواء المهاجرين، من بينها مسكن في حي “بوبلادو سانيداد” حيث نُفذت عملية “باركيرا” التي أسقطت الرؤوس الكبرى للشبكة نهاية أكتوبر الماضي. وكشفت التحقيقات أن عناصر التنظيم كانوا يمتلكون خبرة كبيرة في الملاحة ومعرفة دقيقة بأفضل أيام الإبحار، ومسارات الدوريات البحرية، إضافة إلى تدريب المهاجرين على أساليب التمويه عند اعتراضهم.
وأكدت الحرس المدني أن أفراد الشبكة كانوا يستخدمون كلمات مشفرة، مشيرة إلى أن بعض التسجيلات تُظهرهم يتفاخرون بـ“شراء عناصر مغربية”، بينما كان بعض الجنود، وفق الرواية الإسبانية، يقومون بمرافقة قوارب التهريب حتى مشارف المياه الإسبانية، قبل الإيهام بمطاردة قارب فارغ لتمرير القارب الحقيقي الذي يحمل المهاجرين.
وأسفرت العملية عن توقيف 11 شخصاً، بينهم خمسة من قيادات الشبكة، ووُضع الجميع رهن الاعتقال الاحتياطي في انتظار تقدم التحقيقات التي قد تكشف عن خيوط إضافية لهذا النشاط الإجرامي متعدد الأطراف.
وتأتي هذه القضية لتعيد تسليط الضوء على نشاط شبكات تهريب البشر في المنطقة، وعلى التحديات الأمنية المعقدة التي يطرحها ملف الهجرة غير النظامية عبر المضيق.





