قطار الميداوي لا يتوقف.. وتعيينات بالجملة قبل إغلاق باب السلطة

هاشتاغ
في أقلّ من أسابيع قليلة، بدا وزيرُ التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عز الدين الميداوي وكأنه يعيش على وتيرة استعجالية في ملفّ التعيينات العليا: عمداء كليات، مدراء مؤسسات، ومناصب إدارية مركزية تُعرض على مجلس الحكومة وتُصادق عليها بوتيرة متسارعة، فيما تُعدّ البلاد على أبواب محطة سياسية وانتخابية تتقدّم على جدول الأعمال.

آخر لائحة خرجت من مجلس الحكومة تضمّ أسماءً بارزة في القطاع، من بينها الحسن المودن عميداً لكلية العلوم السملالية بمراكش، وزكرياء بودحيم عميداً لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وعادل الحفيظي العلوي مديراً للمدرسة العليا للتكنولوجيا بتطوان، وخالد بروزي مديراً للمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، إضافةً إلى تعيين نسرين السويسي في وزارة الشباب والثقافة والتواصل كمديرة لتنمية صناعة الألعاب الإلكترونية ونظم المعلومات.

تزامن هذه الموجة مع حديث عام داخل الأوساط الجامعية والسياسية عن استغلال حصة التعيينات في المجالس الحكومية خلال الشهور الأخيرة، ما أثار حفيظة أساتذة وفاعلين جامعيين اعتبروه توقيتاً غير مناسب لسلسلة تعيينات مؤثرة على مسار المؤسسات الأكاديمية.

تجمعات وانتقادات إلكترونية وصحفية تناولت ما وصفته «خريطة ولاءات» في بعض القرارات، مطالبةً بتوضيح المعايير المعتمدة في الاختيارات وطرق اختيار الأطر المسؤولة.

من زاوية الوزارة، حرص الوزير ميداوي على تقديم إطلالات وتبريرات لمساراته الإصلاحية، مؤكداً على رغبة بلاغاته في «بناء نموذج جامعي جديد» ومبرّراً بعض القرارات بضرورة إحداث دينامية ادارية مواكِبة للتحولات البيداغوجية والبحثية.

لكنّ هذا التبرير لم يطفئ قلقاً واسعاً لدى أسرة التعليم العالي التي تساءلت عن توقيت اتخاذ قرارات ذات أثر طويل الأمد بينما تقترب البلاد من تحوّلات سياسية وانتخابية تجعل من نصف الولاية مكاناً لتسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومات جديدة.

مراقبون حقوقيون وسياسيون يرون أن مرحلة «تصريف الأعمال» التي تسبق محطة الانتخابات عادةً تُستغلّ فيها صفقات وتعيينات تُحسم بسرعة، ما يستدعي شفافية أكبر ومعايير واضحة ومعلنة للاختيار لضمان استقرار المؤسسات الجامعية وحماية الحقّ في المنافسة والكفاءة.

هؤلاء دعوا كذلك إلى إشراك ممثلي المجتمع الجامعي والنقابات الأكاديمية في آليات التعيين لتقليص الشبهات وحماية المرفق العام من أي انزياحات شبه حزبية.

على مستوى التأثيرات العملية، فإنّ تغيير رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ومديري المؤسسات التقنية قبل بداية موسم جامعي جديد قد يؤثر في مسارات التعاقدات، مواصلة البرامج البحثية، وتنفيذ اتفاقيات شراكة محلية ودولية.

العاملون في قطاع التعليم العالي يحذرون من وقف المشاريع أو إعادة توجيهها بحسب أولويات قيادات جديدة، خصوصاً إذا تبنّت منطقَ التبديل الشامل بدلاً من إرساء استمرارية إدارية وعلمية.

ويبقى الاشكال الاكبى هو هل تهدف هذه التعيينات إلى تعزيز الكفاءة وبناء قدرات مؤسسية حقيقية، أم أنها خطوة سياسية لتثبيت ولاءات قبل مرحلة انتقالية؟

المطلوب الآن من الوزارة نشر معايير التعيين، السير الذاتية المختصرة للمعينين، وسرد الأسباب الموضوعية لكل قرار حتى تطمئن الجامعة والمجتمع إلى أن مصلحة التعليم العام هي الفيصل الأول.

وإلى حين ذلك، سيواصل الملفّ احتلال مساحة نقاش واسعة داخل الأوساط الأكاديمية والرأي العام.