وزير العدل… حين يسقط اللسان تسقط الهيبة

علي بو مهدي
ليس سراً أنني لست مناصراً لحزب العدالة والتنمية، وأختلف معه في كثير من القضايا والتحليلات. لكن ما وقع داخل قبة البرلمان بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي والنائب البرلماني عن الحزب نفسه عبد الصمد حيكر، يتجاوز حدود الخلافات الحزبية والسياسية، ليصيب في العمق حرمة المؤسسة التشريعية وهيبتها.

التصريح المنسوب لوهبي، حين خاطب برلمانياً بالقول: “الموسخ والدك”، ليس مجرد انزلاق لغوي أو ردّ فعل غاضب، إنه سقوط أخلاقي وسياسي مدوٍّ، يمسّ بوقار منصب حكومي حساس، ويتعارض مع شروط التمثيل والمسؤولية، ويضرب في الصميم قيم الحوار الديمقراطي الذي بني عليه العمل البرلماني.

المسّ بكرامة نائب برلماني، كيفما كان لونه السياسي، هو مسّ بكرامة الناخبين الذين وضعوه هناك، وإهانة فرد تحت قبة المؤسسة التشريعية، هي في الحقيقة إهانة للمؤسسة ذاتها، ونسف للحدود الدنيا من اللغة الدبلوماسية التي يفترض أن يتحلى بها المسؤولون.

البرلمان ليس سوقاً للشتائم، ولا فضاءً لتصفية الحسابات الشخصية.
إنه أعلى مؤسسة تمثيلية في البلاد، وأيّ تصرف صبياني داخله يُفقده الهيبة ويُربك الثقة في الممارسة السياسية.

في الأنظمة الديمقراطية الراسخة، لا يحتاج الأمر أكثر من عبارة مسيئة أو تصرف غير لائق لكي يضع الوزير مفاتيح مكتبه ويغادر منصبه، ليس لأن الخطأ لا يغتفر، ولكن لأن المسؤولية العمومية أكبر من الشخص، وأرفع من ردود الفعل الانفعالية.

ما صدر عن وزير العدل – إن تأكد بشكل رسمي – يستوجب اعتذاراً واضحاً أولاً، ثم تحمّل المسؤولية السياسية الكاملة. فكيف لوزير يفترض أنه حامي القانون والحريات الفردية، ورمز للاتزان داخل الحكومة، أن يسمح لنفسه باستخدام لغة “زنقوية” داخل البرلمان؟ وأيّ رسالة نوجهها للمواطن حين يرى الحوار السياسي ينحدر إلى مستوى الشتم وتحقير الأصول؟

نعم، يمكن أن نختلف مع العدالة والتنمية، ويمكن أن ننتقد أداء نوابها وخياراتها. لكن الدفاع عن كرامة ممثلي الأمة ليس دفاعاً عن حزب، بل دفاع عن دولة المؤسسات.

اليوم الإساءة موجهة لبرلماني من حزب معين، غداً قد تمسّ أي نائب آخر.
وبعد غد قد تطال أي مواطن يعبّر عن رأي مخالف. فما وقع يجب ألا يمرّ مرور الكرام. ليس لأننا نناصر شخصاً أو حزباً، بل لأننا نناصر الاحترام واللياقة السياسية وهيبة المؤسسات.

قد نختلف سياسياً، لكننا نتفق على شيء واحد: من لا يستطيع ضبط لسانه لا يستطيع إدارة وزارة.