منتصر التكناوتي/كاتب وإعلامي
أثارت الخرجة الأخيرة لعبد الله البقالي تجاه اللجنة المؤقتة نقاشًا واسعًا داخل الوسط المهني، بعدما حرص على الظهور كصوت معارض داخل اللجنة، مدافعًا عن المهداوي ومتبرئًا من مسار اشتغالها خلال الفترة الماضية،غير أن هذا الخطاب، وفق متابعين، يبدو أقرب إلى محاولة لإعادة تموضع شخصي داخل المشهد المهني منه إلى تقديم رواية دقيقة لما جرى خلف الكواليس.
فالبقالي قدّم نفسه كما لو كان العضو الوحيد الرافض لنهج اللجنة، متجاهلًا الانتقادات التي طالته بخصوص تشدده في ملفات مهنية عُرضت على اللجنة، حيث تؤكد مصادر من داخل الوسط أن الرجل لعب دور “الغراق” في عدد من القضايا.
بل كان الأكثر صرامة في اتخاذ قرارات وُصفت حينها بـ”القاسية”. هذا التناقض بين الممارسة الماضية والخطاب الحالي يطرح سؤالًا جوهريًا حول مصداقية الرواية التي يسوّق لها اليوم.
وتزداد الصورة تعقيدًا مع الموقف الذي يجد أعضاء اللجنة أنفسهم أمامه:
هل يردّون على تصريحات البقالي حفاظًا على سمعتهم وتوضيحًا للرأي العام؟
أم يلتزمون الصمت لتجنب انفجار صراع علني داخل الجسم المهني؟
الردّ العلني قد يساهم في كشف معطيات غير معروفة للرأي العام لكنه يحمل في المقابل خطر تعميق الانقسام. أما الصمت، فسيُفهم لدى كثيرين كقبول ضمني لما قاله البقالي، أو على الأقل عدم القدرة على دحضه.
في المحصلة، تبدو خرجة البقالي جزءًا من محاولة استباقية لإعادة رسم موقعه داخل ميزان القوى المهني، في سياق تراجع شعبية اللجنة وتزايد الانتقادات لعملها. لكن هذا التحرك يثير أسئلة أعمق حول طبيعة الحكامة داخل المؤسسات المهنية وغياب الوضوح في معايير اتخاذ القرار.
ويبقى الرأي العام المهني اليوم أمام روايات متضاربة، كل واحدة تحاول فرض نفسها كالحقيقة المطلقة، في غياب توضيحات رسمية قد تحسم الجدل وتعيد النقاش إلى سكّته المهنية السليمة.






