كريم الاحمادي /هاشتاغ
عاد ملف منطقة القبائل في الجزائر إلى صدارة الاهتمام الإعلامي والسياسي، عقب إعلان صادر عن حركة تقرير مصير القبائل (MAK) وما يُعرف بـ“الحكومة القبائلية في المنفى”، خطوة وصفتها الحركة بأنها إعلان سياسي يهدف إلى تكريس حق تقرير المصير، وفتح مرحلة جديدة في مسارها النضالي خارج الإطار الجزائري الرسمي.

وجرى الإعلان، الذي نُشر عبر منصات إعلامية وحقوقية خارج الجزائر، في سياق دولي وإقليمي متوتر، ما منحه بعداً رمزياً لافتاً، رغم غياب أي اعتراف رسمي أو سند قانوني دولي مباشر. وتؤكد الحركة أن الخطوة لا تستهدف “تقسيم الدول”، بل تسعى، وفق خطابها، إلى لفت أنظار المجتمع الدولي إلى ما تعتبره “قضية شعب محروم من حقه في تقرير مصيره”.
بحسب قادة الحركة، فإن الهدف الأساسي من الإعلان يتمثل في تدويل القضية القبائلية، وإخراجها من إطارها الداخلي الجزائري إلى فضاء النقاش الحقوقي الدولي، بالاستناد إلى مواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها. كما تسعى الحركة إلى تعبئة الجالية القبائلية في الخارج، وتوحيد خطابها السياسي في مواجهة السلطات الجزائرية.
ويرى متابعون أن الإعلان يحمل كذلك بعداً ضغطياً على النظام الجزائري، من خلال إحراجه خارجياً، خصوصاً في ظل انتقادات حقوقية متكررة تتعلق بالحريات، والاعتقالات، والتضييق على النشطاء السياسيين والثقافيين في منطقة القبائل.
في المقابل، تعتبر السلطات الجزائرية حركة “الماك” تنظيماً انفصالياً مصنفاً ضمن خانة “التهديد للوحدة الوطنية”، وتؤكد أن أي إعلان من هذا النوع لا يترتب عنه أي أثر قانوني أو سياسي، سواء داخلياً أو دولياً. وتستند الجزائر في موقفها إلى مبدأ سيادة الدول ووحدة أراضيها، وهو المبدأ الذي يحظى بدعم واسع داخل المنظمات الدولية.
ويرى محللون أن الإعلان، رغم زخمه الإعلامي، يبقى محدود التأثير العملي، في ظل غياب الاعتراف الدولي، وعدم توفر شروط الدولة من أرض وسلطة فعلية ومؤسسات داخل الإقليم المعني. غير أن ذلك لا يمنع، بحسبهم، من اعتباره رسالة سياسية قوية تعكس عمق الأزمة بين المركز الجزائري وجزء من النخب والفاعلين في منطقة القبائل.
إقليمياً، يقرأ بعض المراقبين الإعلان كجزء من صراع السرديات في شمال إفريقيا، حيث تُوظَّف قضايا تقرير المصير والهوية في سياقات سياسية متشابكة. كما يسلط الضوء على التناقض الذي تواجهه الجزائر، التي ترفع شعار تقرير المصير في ملفات إقليمية، بينما ترفض بشكل قاطع أي طرح مماثل داخل حدودها.
في المحصلة، يعكس إعلان القبائل حالة انسداد سياسي وثقافي لم تُفلح المعالجات الرسمية في احتوائها بشكل كامل. وبينما ترى فيه الحركة الانفصالية خطوة تاريخية نحو “التحرر”، يتعامل معه خصومها كحدث رمزي بلا أفق قانوني. غير أن المؤكد، وفق متابعين، أن القضية القبائلية عادت بقوة إلى الواجهة، وأن تجاهلها لن يُنهي الجدل حولها، سواء داخل الجزائر أو خارجها.






