هاشتاغ
شهدت مدينة طنجة البارحة مسيرة احتجاجية دعت إليها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، بدعوى نصرة القضية الفلسطينية والتنديد بالتطبيع، تزامناً مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاق التطبيع في ديسمبر. غير أن توقيت هذه التظاهرة يطرح أكثر من علامة استفهام، ويضع منظميها في مرمى انتقادات واسعة.

فالمغرب يعيش في هذه المرحلة لحظة وطنية استثنائية، عنوانها الاستعداد لاحتضان تظاهرة قارية كبرى هي كأس أمم إفريقيا 2025، وهو حدث عالمي تترقبه أنظار الملايين، ويشكل فرصة تاريخية للتعريف بالمغرب كبلد حضارة وثقافة وتنظيم محكم، وكشعب مضياف وقادر على إنجاح الرهانات الكبرى.
وفي هذا السياق، يعتبر متابعون أن تنظيم مسيرات احتجاجية ذات طابع سياسي حاد، في مدن محورية، لا يخدم صورة البلاد ولا يخدم حتى القضايا التي يرفعها المنظمون شعاراً. فالقضية الفلسطينية، مهما كانت مركزيتها الوجدانية لدى المغاربة، ليست آنية بالمعنى الذي يبرر تحويل الفضاء العام إلى ساحة توتر وتشويش في لحظة وطنية دقيقة.
ويرى منتقدو التظاهرة أن المغرب، دولةً وشعباً، لم يكن يوماً في موقع المتخلي عن فلسطين، وأن مواقفه الرسمية والشعبية ثابتة ومعروفة، ولا تحتاج إلى استعراضات ظرفية قد تُستغل خارجياً لتقديم صورة مضللة عن الأجواء الداخلية للبلاد.
كما يُسجَّل على منظمي المسيرة تجاهلهم لحساسية التوقيت، وعدم استحضارهم لمصلحة وطنية عليا تفرض توحيد الجهود لإنجاح كأس إفريقيا، بدل خلق مشاهد قد تُقرأ كرسائل ارتباك أو انقسام، في وقت يسعى فيه المغرب إلى تكريس موقعه كقوة تنظيمية وثقافية في القارة.
في المحصلة، لا يتعلق النقاش بموقف من فلسطين، بقدر ما يتعلق بسؤال الأولويات والمسؤولية. فالوطن اليوم في حاجة إلى التعبئة الإيجابية، لا إلى مبادرات تشوش على حدث قاري كبير، كان الأجدر أن يتحول إلى منصة جامعة لتعزيز صورة المغرب، بدل زجّه في سجالات ظرفية لا تخدم لا الداخل ولا القضايا الخارجية.







