أخنوش يسطو على مشروع ملكي صحي ويحوّل المستشفى الجامعي بأكادير إلى غنيمة حزبية

تفجّر جدل واسع عقب قرار تكليف البروفيسور مهدي الصوفي بإدارة المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير بالنيابة، وهو القرار الذي اعتبرته مصادر نقابية في تصريحات لموقع “هاشتاغ” مثالًا صارخًا على تسييس مرفق صحي جامعي أُنجز بتعليمات ملكية سامية، وكان يُفترض أن يُدار بمنطق الاستقلالية والكفاءة بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة.

القرار، الذي وقّع عليه وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، المنتمي بدوره إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، لم يُقرأ في معزل عن السياق السياسي العام، ولا عن موقع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، رئيس الحزب نفسه، ورئيس جماعة أكادير، حيث تفيد مصادر موقع “هاشتاغ” أن ما جرى يتجاوز «تكليف إداري مؤقت»، ليعكس منطق إحكام القبضة الحزبية على مؤسسة صحية جامعية استراتيجية، تُعد من أكبر المشاريع الصحية بالجنوب، وتحمل اسم جلالة الملك محمد السادس.

وتستغرب ذات المصادر النقابية في معرض حديثها لموقع “هاشتاغ” كيف يُفتح الباب أمام جمع ثلاث مسؤوليات حساسة «بالنيابة» في شخص واحد: عمادة كلية الطب والصيدلة، وإدارة المركز الاستشفائي الجامعي، والانتماء السياسي والحضوري داخل جماعة يرأسها رئيس الحكومة نفسه.

ويرى هؤلاء أن هذا التداخل يطرح أسئلة جدية حول تضارب المصالح، وحول احترام مبادئ الحكامة الجيدة، وتكافؤ الفرص، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

الأكثر إثارة للانتقاد، بحسب مصادر موقع “هاشتاغ”، أن المشروع الاستشفائي الجامعي بأكادير لم يكن مبادرة حكومية أو حزبية، بل مشروعًا ملكيًا ضخمًا أُريد له أن يشكل رافعة صحية وعلمية وتنموية لجهة سوس-ماسة، وأن يُدار بمنطق وطني جامع، لا بمنطق الولاء الحزبي أو التقاسم السياسي للمناصب. وهو ما يجعل أي محاولة لإقحامه في منطق «التموقع الحزبي» مسًّا مباشرًا بروح المشروع وأهدافه الأصلية.

ويرى منتقدو القرار أن توقيع وزير الصحة، المنتمي للحزب نفسه، على هذا التكليف يعمّق الإحساس بوجود انسجام سياسي مقلق داخل القطاع، حيث تُتخذ قرارات استراتيجية في مؤسسات حيوية وكأنها امتداد لجهاز حزبي، لا لإدارة عمومية يفترض فيها الحياد والاستقلال.

وفي مقابل تبريرات رسمية تتحدث عن «مرحلة انتقالية» و«ضرورة الاستمرارية»، يردّ المنتقدون بأن المؤقت في المغرب غالبًا ما يتحول إلى دائم، وأن أخطر ما يهدد المشاريع الملكية هو تفريغها من بعدها الوطني وتحويلها إلى فضاءات نفوذ سياسي، تُدار بمنطق القرب الحزبي لا بمنطق الكفاءة والاختصاص.

ووسط هذا الجدل، تطرح مصادر موقع “هاشتاغ” سؤالًا جوهريًا حول من يحمي المشاريع الملكية من منطق السطو السياسي؟ ومن يضمن أن يبقى المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير فضاءً للعلاج والتكوين والبحث العلمي، لا حلقة جديدة في سلسلة تسييس المرافق العمومية؟

إنها أسئلة ثقيلة تعيد إلى الواجهة مطلبًا واضحًا يتجلى في تحصين المؤسسات الاستراتيجية من الهيمنة الحزبية، واحترام رمزية المشاريع الملكية، واعتماد مساطر شفافة ومستقلة في التعيين، تضع مصلحة الصحة العمومية فوق كل اعتبار سياسي.