هاشتاغ
في سابقة سياسية لافتة، خرج هشام الصابري، كاتب الدولة المكلف بالتشغيل في حكومة عزيز أخنوش، باعتراف صريح يهدم الخطاب الحكومي حول “نجاعة برامج التشغيل”، ويكشف من داخل الحكومة نفسها أن عدداً من هذه البرامج فاشل ولا يوفر فرص شغل حقيقية للشباب، في فضيحة سياسية تعرّي هشاشة السياسات العمومية المعتمدة منذ تولي حكومة أخنوش السلطة.
وخلال مشاركته في ماستر كلاس علمي بكلية الاقتصاد والتدبير ببني ملال، تحت عنوان “مهن المستقبل: الرهانات، الكفاءات والآفاق المهنية”، لم يكتف الصابري بالحديث الأكاديمي عن تحولات سوق الشغل، بل فجّر قنبلة سياسية حين وجّه نقداً مباشراً لبرامج حكومية رسمية من قبيل “أوراش” و“تدرج”، معترفاً بأنها لا تخلق فرص شغل مستدامة ولا تقدم حلولاً حقيقية لمعالجة بطالة الشباب.
الصابري وصف منطق هذه البرامج بكونه حلاً ظرفياً بلا جدوى اقتصادية، قائلاً إن إحداث جمعيات ومنح دعم مالي محدود مقابل أنشطة مؤقتة لا يمكن اعتباره سياسة تشغيل، بل مجرد ترحيل للأزمة وتأجيل للانفجار الاجتماعي. اعتراف يُسقط عملياً كل البلاغات الحكومية التي سوقت هذه البرامج كإنجازات كبرى.
الأخطر في تصريحات المسؤول الحكومي، هو إقراره بأن عدداً من هذه البرامج ينتهي فقط بتسجيل المستفيدين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون أي ضمان لاستمرار العمل، ما يعني أن “التشغيل” المعلن لا يتجاوز كونه رقماً ظرفياً لتجميل الإحصائيات، وليس إدماجاً حقيقياً في سوق الشغل.
ولم يقف الصابري عند هذا الحد، بل كشف بالأرقام كلفة الفشل، مشيراً إلى أن الدولة تنفق أكثر من 8000 درهم عن كل مستفيد من برامج أنابيك، وحوالي 5000 درهم في برامج مثل تدرج، وهي مبالغ ضخمة، كان يمكن – حسب اعترافه – توجيهها إلى مشاريع أكثر نجاعة تخلق مقاولات حقيقية ومناصب شغل دائمة، بدل هدر المال العام في برامج شكلية.
وتأتي هذه التصريحات الصادمة في وقت يسجل فيه المغرب ارتفاعاً مقلقاً في نسب البطالة، خصوصاً في صفوف الشباب وحاملي الشهادات، وهو ما يفضح فشل حكومة أخنوش في الوفاء بوعودها الانتخابية المتعلقة بالتشغيل، رغم الشعارات الكبيرة والإعلانات المتكررة عن “برامج غير مسبوقة”.
اعتراف الصابري لا يمكن اعتباره مجرد رأي تقني، بل هو شهادة من داخل الحكومة تؤكد أن سياسة التشغيل الحالية تعاني اختلالات بنيوية، وأن الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع الاجتماعي آخذة في الاتساع، مع ما يحمله ذلك من مخاطر اجتماعية واقتصادية.
وفي ختام مداخلته، دعا كاتب الدولة إلى مراجعة شاملة للسياسات التشغيلية، وإعادة توزيع الأدوار بين القطاعات الحكومية، بحيث تركز وزارة التشغيل على إحداث فرص الشغل فقط، ويُترك التكوين للتعليم العالي والتكوين المهني، مع ربط التمويل العمومي بخلق مناصب شغل حقيقية ومستدامة.






