يسري فودة……”كونان العرب”

بقلم: عبد الحميد كندوز

 

الخجول اللبق، الماكر المغامر الذي لا يقامر. مصري الاصل والمولد ،بريطاني الدم والهوى وما يجري فيهما من حب للمهنة.رائد

الصحافة الاستقصائية العربية ،توقيعه الخالد”استقيموا يرحمكم الله” كاتب صحفي،معد،مقدم،مخرج وكاتب سيناريو لبرامج تحقيقية وتوثيقية.عمل مراسلا حربيا لbbc في الشيشان قبل ان يلتحق بقناة “الجزيرة “. على شاشة قناة “الجزيرة” ،اشتد عود الفتى المصري النحيف حتى صار علبة اسرارها المتنقلة . بينما كانت اعين العالم تراقب وتحاصر صدام وبرنامجه النووي المزعوم،كان هو يحمل علبة اسراره متجها صوب شمال انجلترا حيث ما تبقى من مبنى شركة “علي داغر” ،بعد البحث والتقصي توصل الى الخيوط الوازعة لكل من شركة “علي داغر” بنظام صدام من جهة ،وبين بريطانيا من جهة ثانية .كانت الخلاصة مخجلة للغرب الديمقراطي المسالم ،لقد كانت شركة “علي” تعمل على استيراد “مكثفات كهربائية” تستخدم لاغراض نووية لفائدة نظام صدام وتحت مظلة بريطانية باعتراف وزير خارجية بريطانيا انذاك،حين حاصره الفتى النحيف بكل الحجج كان جواب السيد الوزير :”نحن لا نجعل من المواقف السياسية عقبة امام ازدهار تجارتنا الخارجية”. بعدها ينتقل “كونان” العرب الى جنوب افريقيا وهو يتساءل :”ماذا الذي يمكن ان يجمع “الموساد” الاسرائيلي بعيون حزب الله في اقصى نقطة في جنوب افريقيا ؟،قبل ان يجيب هو نفسه عن السؤال:…انها حرب خفية ،شخوصها جواسيس وعلماء وافاقين وقتلة ومقتولين ،اساليبها قذرة وضربها تحت الحزام ..انها حرب “الزئبق الاحمر”. كرس حياته المهنية للشك والتساؤل،فحتى الجن لم يسلم من تحقيقاته،يومها تساءل” كونان العرب “عن الحد الفاصل بين المنطق واللا منطق . القى بنفسه الى حلبة يتصارع فيها عالم الغيب بعالم الشهادة والانس بالجن وهو يعلم جيدا ان للجن ذكر قوي في القرآن كما للانس ذكر ايضا:الانس والجن والعفاريت اولياء الله،والمشعوذون والعبد الضعيف والنار والابخرة مساحة لتصادم المعقول بالا معقول.كانت المحصلة 58 دقيقة من الارواح باشباحها! حنين الرجل النحيف الى وطنه يبدده بالبحث في اسرار مآسي مصر ونخبة من ادمغتها. طار الرجل الى باريس وفي حلقه غصة،غصة اغتيال عالم الذرة المصري “يحي المشد” ،عالم مصري بقلب ريفي وضمير عربي ووجه عاد وعقل غير عاد. ذنبه الوحيد انه كان يطمح الى تمكين العرب ولو بمخلب نووي صغير حتى يهشوا به مخالب الذين يكتمون انفاسهم ثم دفع مقابل ذلك اغلى ما يملك…روحه. في باريس كانت نهاية طموح المشد على يد الموساد الاسرائيلي. عقب حادثة سقوط الطائرة المصرية التابعة لشركة بوينغ بالسواحل الامريكية،عاد “كونان” الى ام الدنيا وهو يردد:هل سقطت ام اسقطت! تلقف خيط رفيع من عميل فرنسي،وثيقة سرية تؤكد ان يوم حادثة البوينغ ،كانت وزارة الدفاع الامريكي قد برمجة اجراء تجارب صاروخية على الساحل الذي هوت فيه الطائرة بمن فيها. فيما جاءت شهادة نقيب الطيارين الاردنيين في نفس السياق،اذ اكد انه شاهد كتلة نارية تقترب من الطائرة المصرية المنكوبة. على اي ،لم يعد مهما هل سقطت ام اسقطت،فمبارك كان قد ابلغ تعازيه الحارة لاهالي المنكوبين واقيمت صلاة الغائب ترحما على الجميع ،ببساطة لاننا نحن العرب نختار بايدينا ان نجعل من الخصم حكما رغم ان الله والقانون الدولي وواقع الامر قد اعطوا لنا حرية الاختيار! يلتفت الى العائدين من براثين الاسر وهو يشق الطريق نحو”عتليت”،هم اسرى حرب 67 لدى اسرائيل،هم احياء الان وكثير من كرامتهم نثرت على حبات رمل “سيناء” ومراكز الاعتقال التي مروا منها. انهم اسرى واحد من اكثر جراح مصر والامة العربية كلها عمقا،ان لم يكن اعمقها على الاطلاق،اسرى نكسة 5 يونيو 1967 يوم انكسرت كرامة العرب،كان لتضحيات ان تبذل ولاعوام طويلة ان تمر قبل ان تسترد بعض من كرامة العرب وبعض من اراضي مصر . <<لا حزن على الذين قتلوا في الحرب،فهم احياء عند ربهم يرزقون،لكن كل الحزن على كرامة الاسرى العائدين التي فقدت،فلماذا اذا كان الاعتراف سيد الادلة ،مازلنا حتى اليوم نلتمس الاعذار لقادة اسرائيل وهم يتفاخرون ويتبجحون بذبح اسرانا>> يتساءل “كونان العرب”؟ يضع نصب عينيه ميزان النجاة والموت عند كل مغامرة جديدة،يغامر بحسابات دقيقة،لانه يؤمن ان العبرة هي تغامر من اجل الوصول الى الحقيقة،لكن ان تصل الى نصف الحقيقة وتضمن سلامتك لتعود وتطلع العالم بما توصلت اليه خير من تصل الى كل الحقيقة ولن تعود ابدا،حينها ستصير مغامرتك بلا طعم ولا رائحة ولا فائدة منها. . جاءت احداث 11 من شتنبر،في ذكراها الاولى اعاد قراءة الاحداث وفق ما استجد من معلومات،تتبع خيوطها التي جالت به اقطار المعمور،من مصر الى اليمن ثم الامارات،ومن لبنان الى هامبورغ ثم مدريد وبعدها امريكا قبل ان يشد الرحال الى كراتشي،هنالك التقى بمن ذبح بيده الصحفي الامريكي الذي كان يتلقف اثر خالد شيخ من من اجل السبق الصحفي نفسه الذي يسعى اليه ” صاحبنا،ذبح الصحفي الامريكي فيما عاد الصحفي المصري سالما غانما،هنا مكمن حساب المغامرة. عاد بسلسلة من التحقيقات عن من كان وراء احداث 11 شتنبر ونال عنها ” الثناء المشكوك”. وبعدها يخترق ” اشعة اكس” حيث كوبا ومعتقل غوانتناموا. لم يكن مخادعا لمتابعيه،فمنذ البداية اخبر مشاهديه انهم معه في قبضة اقوى قوة في العالم :من الان،انا وانتم في قبضة الجيش الامريكي. كان انجازه الوحيد هو كونه الصحفي الوحيد من خارج امريكا سيزور المعتقل فيما شبهه برحلة مدرسية رفقة الحيش الامريكي. من تناقضات الاقدار،ان الاسرى مسلمين اقتادهم مسيحيين ويهود الى ارض شيوعية! <<استقيموا يرحمكم الله>

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *