ارتبط شهر رمضان، بالكثير من الشعائر والعبادات، وكانت فيه أكبر الفتوحات في الحضارة الإسلامية، كما شهد الشهر الكريم ميلاد ووفاة شخصيات من أعلام التاريخ الإسلامي. من بينهم السيدة خديجة.
أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد، زوج رسول الله ريحانة الدار، حيث توفيت في العاشر من رمضان بعد عشر سنين من البعثة النبوية الشريفة وقبل ثلاث سنوات من الهجر، وكانت أول امرأة تشرفت بالإسلام ودورها ومكانتها في تثبيت الدين الحنيف ونشره أكبر من أن يخفى على أحد.
وكانت من كبار تجار قريش ومن أعالي النساء حسباً ومالاً أولى زوجات الرسول وأول من آمنت من النساء، أو لنتحرى الصدق هي أول إنسان آمن برسالة الإسلام ، لم تتوقف عن الجود بمالها ونفسها ورجاحة عقلها فى خدمة الدعوة إلى الإسلام ومؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم .
حينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلقب بالصادق الأمين، كانت السيدة خديجة تلقب بالطاهرة؛ دلالة على علو مكانتها وشرفها. كانت السيدة خديجة تعمل بالتجارة ولكن ما كانت تخرج لتجارةٍ مسافرةً، ولكن كانت تدفع مالها مُضاربةً للرجال، منها المال، ومن الرجال الجهد.
وعندما سمعت -رضي الله عنها- عن أمانة وصدق النبي صلى الله عليه وسلم أرسلته بمالها مع غلامها ميسره. فذهب الرسول مع ميسره فى رحلة التجارة وكان ميسرة يراقبه، وإذ به يلحظ سحابة فى السماء تظلل الرسول أينما ذهب وعندما.
استراح الرسول بظل شجرة كانت مجاورة لمعبد, جاء الراهب وسأل ميسره من هذا؟ فقال له: محمد من مكة. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجره قط إلا نبي، ويسر الله للنبي تجارته وربح ربحاً وفيراً. وعندما عاد ميسرة إلى السيدة خديجة، حكي لها عن كل ما رآه فى الرحلة, فأعجبت السيدة خديجة بما سمعته وبما عرفته عنه من صدق وأمانة وحسن خلق, وبرغم أن السائد أن الرجل هو من يأخذ خطوة الخطبة.
وبالرغم من أنها كانت قد أعرضت عن الزواج بعد وفاة زوجها ورفضت من تقدم من خاطبين، وبرغم مكانتها العالية، أنها تكبره وفى سن أمه؛ فقد كانت هي فى الأربعين من عمرها، وهو فى الخامسة والعشرين من العمر، إلا أننا نجد منها الحكمة فى اختيار زوجها، فلا يهم كل تلك الأسباب أمام حسن الخلق والسيرة الطيبة للشخص.
وهذا ما نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا به فيما بعد فى حديثة صلى الله عليه وسلم قال: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ..”, ولا يهم كل ذلك إن كان الرجل المرجو هو النبي صلى الله عليه وسلم, فأخبرت صاحبتها نفيسة بنت أمية بما يجول فى صدرها، أنها ترى في محمد ما لا تراه في غيره من الرجال، وأنها تريد الزواج منه.
فذهبت السيدة نفيسة للرسول تعرض عليه الزواج من خديجة، فقبل صلى الله عليه وسلم بشكل يحفظ ماء الوجه ويبدو كما أنه هو من تقدم، وذهب لأعمامه فوافقوا فرحين؛ لما لها من حسب ومال وجمال وشرف وتمت الخطبة والزواج.