سعيد جعفر: القرآن السعيد المفرح .. قرآن واقع اليوم

سعيد جعفر يكتب: القرآن السعيد المفرح .. قرآن واقع اليوم

بمناسبة شهر رمضان الفضيل، يسعد موقع هاشتاغ أن يقدم لكم سلسلة بقلم الاستاذ سعيد جعفر تحت عنوان “القرآن السعيد المفرح .. قرآن واقع اليوم ” ، وهي سلسلة يهدف منها بسط مجموعة من الآيات القرآنية التي تظهر الوجه المفرح و السعيد في القرآن الكريم والتي اجتهد عدد من الدعاة و الفقهاء في حجبها عبر تكثيف بث الجانب الغليض من القرآن الذي يصف فيه سبحانه وتعالى النار وجهنم والعذاب والآخرة.

الهدف من هذه السلسلة هو إظهار الوجه الآخر للإسلام المفرح السعيد الذي يعفو على الناس ويتوجه للإنسانية جمعاء والذي تم حجبه والتركيز على النواهي والعقوبات فيه بهدف تخويف الناس بهدف إخضاعهم لقوى متعالية والتوسط بينهم وبينها.

1- التركيز على الجانب الترغيبي الكوني والسعيد في القرآن الكريم والذي حرص الفقهاء والدعاة الترهيبيون على إخفائه وعدم نشره مقابل التركيز على آيات العقاب والترهيب في القرآن.

وإذا كان هدف الآخرين هو تخويف الناس وإرهابهم وخندقتهم بهدف إخضاعهم والتحكم فيهم عبر الوساطة بينهم وبين الخالق، فإن هدف هذه السلسلة هي إسعاد الناس وإفراحهم و فتح الآفاق والممكنات الكونية والإنسانية التي يضعها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أمام ناظريهم مما يساعد على تحريرهم من الوصاية باسم الدين.

2- منهجه أنه سيستعرض تفسيرات أمهات كتب التفسير، ولا سيما ابن كثير والطبري، للآية المنتقاة يليها “تأويل” لنا للآية على ضوء مستجدات العلم والاقتصاد والسياسة و المجتمعات والثقافة وغيرها من الفاعليات البشرية مع إبداء ملاحظات في الموضوع.

وإذ نؤكد على الجانب المفرح والسعيد في القرآن الكريم فإننا نؤمن بالجانب الغليض والمنبه فيه ولكننا ننبه إلى أنه ثم تكثيفه حتى لأنه أعطى صورة غليضة عن الإسلام وحجب روحه المتسامحة والعفوة والكونية.

ومنهجيتها هي بسط آية من آيات القرآن الكريم بعد قراءتها في القراءة اليومية، ثم شرحها من خلال أمهات كتب التفسير وشرحها في الأخير على ضوء واقع القرن 21.

1-الآية الأولى:

قال تعالى في كتابه الحكيم بسم الله الرحمان الرحيم “والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون. أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون” (سورة البقرة الايتين 4 و 5) صدق الله العظيم.

تفسير ابن كثير:

قال ابن عباس “والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك” اي يصدقون بما جئت به من الله، وما جاء به من قبلك من المرسلين لا يفرقون بينهم، ولا يجحدون بما جاءوهم به من ربهم.

“وبالآخرة هم يوقنون” أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان.
وقد اختلف المفسرون بما تقدم من قوله تعالى: “الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون” (البقرة 3).

وهم على ثلاثة أقوال حكاها ابن جرير وهم:
– كل مؤمن، مؤمنو العرب ومؤمنو أهل الكتاب وغيرهم
– مؤمنو أهل الكتاب
– مؤمنو العرب

تفسير الجلالين:

“والذين يؤمنون بما انزل إليك” أي القرآن، “وما أنزل من قبلك” اي التوراة والإنجيل وغيرهما. “وبالآخرة هم يوقنون” يعلمون.

تفسير الطبري:

حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ( والذين يؤمنون بما أنزل إايك وما أنزل من قبلك)، أي يصدقونك بما جئت به من الله عز وجل وما جاء به من قبلك من المرسلين، ولا يفرقون بينهم، ولا يجحدون ما جاءوهم به من عند ربهم.
(وبالآخرة يوقنون):
قال أبو جعفر: أما الآخرة فإنها صفة للدار كما قال ثناؤه وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون(سورة العنكبوت 64).
حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، (وبالآخرة هم يوقنون): أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان، أي لا هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا به من قبلك ويكفرون بما جاء من ربك.

تأويلنا على ضوء الواقع:

أولا إن حصر العالم والإنسانية قاطبة ضمن ثنائية الإيمان والكفر لم تعد له اليوم قيمة أو جدوى بعد أن حسمه الخالق تعالى: “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” “لا إكراه في الدين لقد تبين الرشد من الغي”.

وبالفعل ما طرحه ابن كثير والطبري والقرطبي والشوكاني وغيرهم صحيح بالنسبة لمرحلة نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم لما لقيته دعوته من رفض وجنوح وصد.

أما وقد أكتمل الوحي الإلاهي وترك لهم أمانة الاستخلاف وعمارة الأرض “إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” (الأحزاب 72).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *