باحث أكاديمي يبرز أهمية التعاون المتقدم بين المغرب والسيدياو في زمن الحرب ضد جائحة كوفيد 19

يعتبر الأستاذ الجامعي، جمال مشروح، أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، التي تقدم في الغالب على أنها أكثر أنظمة الإندماج الإقليمي دينامية في القارة الأفريقية، عرضة للإضعاف بفعل تداعيات أزمة جائحة (كوفيد-19)، مؤكدا على أن الحل متضمن في الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بأبيدجان سنة 2014، حيث أبرز جلالته أن “إفريقيا يجب أن تثق في إفريقيا”.

وأوضح الأستاذ جمال مشروح، في مقال نشره مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تحت عنوان ” قيمة التعاون المتقدم بين المغرب والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا زمن الحرب ضد الجائحة” أن المؤتمرات المنتظمة التي يعقدها رؤساء الدول والحكومات، وتوفر مواطني المجموعة على جواز سفر موحد ، والمناقشات الدائرة حول توحيد العملة، وما شابه ذلك من الأمثلة، هي ما يشكل أساس قوة الإقليم، لافتا إلى أن نموذج المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا يعاني من مفارقتين رئيسيتين.

المفارقة الأولى، حسب الأستاذ الجامعي، تتجلى في الهوة بين إمكانية الازدهار وواقع الفقر، فيما تتعلق المفارقة الثانية بالفجوة الكبيرة بين التميز في البناء المؤسساتي والإنتاج المعياري، من جهة، وضعف الخطط والإنجازات المشتركة من جهة أخرى، لا سيما “بخصوص إدارة الأزمات و مكافحة الجماعات الإرهابية”.

وأشار إلى أن هذا التناقض المزدوج دليل على افتقار الدول الأعضاء في المجموعة إلى الوسائل البشرية والمعدات الطبية اللازمة لشن الحرب ضد (كوفيد-19)، هذا “العدو العالمي غير المرئي”، كما يخشى أن تفضي تداعيات الأزمة الصحية إلى سلسلة من الأزمات الاقتصادية والغذائية وحتى الأمنية “.

واعتبارا لهذه الأسباب وغيرها، يرى السيد مشروح أن حلول الأزمة لا يمكن أن تكون إلا إفريقية، وإقليمية بالأساس، مؤكدا بذلك على أهمية تعميق التعاون مع المملكة المغربية، وتنسيق آليات اشتغال المغرب وغرب إفريقيا بغية الانتصار في الحرب ضد فيروس “كورونا”.

وفي هذا الصدد، سلط الضوء على تجربة المغرب المهمة في تدبير الجائحة، والاستراتيجية المتكاملة والاستباقية التي تم اعتمادها وتنفيذها بسرعة، والتي تقوم أساسا على الإمكانيات الوطنية.

وذكر على وجه الخصوصب” اعتماد تدابير الحجر الصحي على نحو استباقي، وتبني بروتوكول علاج واضح، واتخاذ إجراءات لدعم النسيج الصناعي الوطني، وتكييف سلسلة الإنتاج قصد توفير المعدات الطبية اللازمة، وإنشاء صندوق وطني خاص”، مشيرا إلى أن النتائج الإيجابية التي سجلها المغرب بفضل هذه الاستراتيجية تحظى اليوم بتقدير وثناء على المستوى العالمي.

كما تناول السيد مشروح الإرادة الراسخة للمغرب، منذ عدة سنوات، من أجل توسيع مجال التعاون مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وذلك على أساس شراكة غير مقيدة، تحقق مصلحة الطرفين وتضع الإنسان الأفريقي في صميم اهتماماتها.

وسجل أن المباحثتين الهاتفيتين اللتان أجراهما جلالة الملك محمد السادس، في 13 من أبريل 2020، مع كل من الحسن واتارا، رئيس جمهورية كوت ديفوار، وفخامة ماكي سال، رئيس جمهورية السنغال، بخصوص إطلاق مبادرة لزعماء الدول الإفريقية بغية الحد من تداعيات (كوفيد-19)، تعبر عن هذه الإرادة الثابتة.

علاوة على أن المملكة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تستفيدان بالفعل من قنوات ووسائل العمل اللازمة للتعاون المتقدم الرامي لمكافحة الوباء، حيث تتواجد المقاولات المغربية في بلدان المجموعة الاقتصادية، ويشارك الطاقم الطبي العسكري في مهمة في بعض دول المنطقة، فضلا عن الخدمات التي يقدمها خريجو غرب إفريقيا من الكليات الطبية ومدارس الهندسة والمؤسسات التعليمية العسكرية المغربية، مما يشكل “نقاط ارتكاز لإنجاح تعاون من هذا القبيل”.

كما سلط الأستاذ الجامعي الضوء على ضرورة الاستفادة من الخبرة المهمة “مهما كانت أوجه القصور الملحوظة على تدبير المجموعة للأمراض المعدية والأوبئة، وذلك في سبيل الحد من انتشار الوباء”، مؤكدا أن منظمة الصحة لغرب إفريقيا يجب أن تكون الأداة الرئيسية في هذه الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *