احمد الحريري
مشاكل الشرق الاوسط و خاصة فلسطين المحتلة، لن تحل و لن تتعقد ببقاء الصحراء المغربية محل نزاع مفتعل يستنزف كل مجهودات تنمية المنطقة لإشباع رغبة نرجسية لطغمة عسكرية جارة، في السيطرة..
مواقف المغرب و موقعه لدى مختلف الفرقاء يؤهله للعب أدوار مهمة في التوفيق بين مختلف القوى و الرؤى المتصارعة..
اعتراف امريكا بمغربية الصحراء و فتح قنصلية بالداخلة انتصار كبير، يطلق يد المغرب في فتح جسور التواصل، كما فعل تاريخيا بين الإخوة الأعداء بالشرق الأوسط..
الايام القادمة ستكون حاسمة على اكثر من صعيد، فردة فعل جيراننا، و موقف أوربا و روسيا من هذه التطورات سيكون له ما بعده.. هي بداية معركة جديدة سيكون لها ما بعدها، و نتمنى ان يخرج منها الوطن اكثر قوة و وحدة.. بعد ما يقارب الخمسين سنة من الاستنزاف و المؤامرات…
….من حق أي كان أن يرفض التطبيع او يقبله، و لكل مبرراته، فقط وجب الانتباه الى شيء مهم و أساسي في إنتاج المواقف من مجريات الأحداث الأخيرة، و هو أن من يربط قضيتي الصحراء المغربية و فلسطين يلعب من حيث لا يدري لعبة الانفصاليين و عرابيهم من عسكر الجيران، الذين لطالما ربطوا بين القضيتين باعتبارهما آخر مستعمرتين في العالم..و هو امر غريب ان يصدر عن محللين و متابعين من بني جلدتنا.. فلسطين في قلوبنا و ما قدمه المغرب و المغاربة من دمائهم واموالهم على مر التاريخ منذ صلاح الدين الايوبي و أقام فيها بابا سماه باب المغاربة شكرا و اعترافا بجهادهم في سبيل استرجاع القدس مرورا بكل حروب القرن العشرين حيث سالت دماء الجنود المغاربة بالجولان و فلسطين و سيناء، لا يجادل فيه الا جاهل او حاقد .
الصحراء قضية المغاربة الاولى و قضية فلسطين لا تراجع عن دعمها..
التاريخ يسير الى الامام و لا يرجع أبدا إلى الخلف، و كل الشروط و الظروف الحالية تؤكد أن مصلحة المغرب في نزع شوكة الانفصال من قدمه، و أن مغربا أقوى بصحرائه قادر على تقديم المزيد لفلسطين و القدس من مغرب تحاك المؤامرات ليل نهار ضد وحدته و استقراره لإضعافه..
دون ذكر أن الكثير من أبناء و تنظيمات فلسطين كانت و لازالت دائما في صف الانفصاليين بمواقف مدفوعة الثمن من جيراننا اللذوذين، و كان موقف المغرب و تنظيماته و شعبه دائما موقف الداعم و المساند لكل قضايا فلسطين بغض الطرف عن تلك المواقف التي لا تمثل سوى قلة من اخواننا الفلسطينيين..
الحديث العاطفي عن فلسطين و القضية و التطبيع و الخيانة قديم قدم القضية نفسها..
الجديد اليوم و الذي يبدو ان كثيرين لم يروه بنظاراتهم هو الاعتراف الواضح و القوي بلا لبس بسيادة المغرب على كل صحرائه من طرف القوة الاولى في العالم و تأكيدها فتح قنصلية بالداخلة.. مع ما يستتبعه ذلك من خلخلة التوازنات الإقليمية بالمنطقة بما في ذلك مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للمملكة مع اسبانيا و الجزر الخالدات..
و للتذكير، في الاتصال الهاتفي بين الملك و رئيس السلطة الفلسطينية، حسب بلاغ الديوان الملكي:
” شدد جلالة الملك على أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة.”
و هو ما أكده ملك البلاد ايضا في اتصاله مع الرئيس دونالد ترامب..
لا يمكن فصل القضية الوطنية عن قضية فلسطين في شعور المغاربة فالتزام شعبنا بكل القضايا العادلة مبدأ ترسخ عبر التاريخ، و المبدأ النضالي القائم على قاعدة ” خذ و ناضل” هو ما يجب استشاره اليوم فانتزاع مكتسبات على مستوى القضية الوطنية الأولى لا يمنع من استمرار دعم نضالات شعبنا لفلسطين من أجل تحقيق استقلاله و دولة قابلة للعيش عاصمتها القدس الشرقية و هو التزام مبدئي للمغرب الرسمي و الشعبي.