في خطوة رقابية جريئة، فجّرت النائبة البرلمانية نادية التهامي، عن حزب التقدم والاشتراكية، جدلاً واسعاً في الأوساط البرلمانية والصحية، بعد توجيهها سؤالاً كتابياً شديد اللهجة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية. التهامي استنكرت ما وصفته بـ”الإلغاء المفاجئ وغير المبرر” لعقود عمومية سارية، تشمل خدمات حيوية مثل النظافة، التغذية، والأمن داخل عدد من المؤسسات الصحية العمومية.
البرلمانية المعارِضة لم تكتفِ بالتنديد، بل أشارت إلى ما اعتبرته “خلفيات مريبة” وراء هذه القرارات، ملمّحة إلى احتمال وقوف مسؤولين داخل القطاع، وعلى رأسهم أمين تهراوي، وراء موجة الإلغاء هذه، خدمةً لما وصفته بـ”أجندات غير معلنة” قد تتعارض مع مبادئ الشفافية والحكامة الرشيدة. وأشارت التهامي إلى أن العقود الملغاة تم توقيعها مع شركات التزمت بشروط التعاقد وقدّمت خدماتها بالجودة المطلوبة، بل وراكمت استثمارات مالية وتقنية كبيرة، إلا أنها فوجئت بالإقصاء دون توضيحات قانونية أو آليات للطعن.
في تحليلها للأزمة، نبّهت النائبة إلى أن الخطر لا يكمن فقط في الإلغاء، بل في الشروط “التمييزية” التي تتضمنها المناقصات الجديدة لتعويض تلك العقود. واعتبرت التهامي أن دفاتر التحملات الجديدة، خصوصاً الشروط الخاصة (CPS)، صيغت بطريقة تُقصي الشركات الوطنية الصغيرة والمتوسطة، وتفتح الباب فقط أمام عدد محدود من الفاعلين الكبار. ومن بين الشروط المثيرة للجدل، اشتراط تقديم ثلاث شهادات لتنفيذ صفقات تتجاوز قيمة كل منها 150 مليون درهم، وهو ما وصفته التهامي بـ”الحاجز المصطنع” الذي يضرب مبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة النزيهة في مقتل.
وفي ختام رسالتها، وضعت البرلمانية وزير الصحة أمام مساءلة علنية، مطالبة بتوضيحات دقيقة حول دوافع هذه الإجراءات. وشددت على ضرورة الكشف عن الجهات المستفيدة من فسخ الصفقات، وتبرير إقصاء بعض الشركات مقابل تمكين أخرى، متسائلة عن مدى احترام التوصيات الصادرة عن هيئات المراقبة والتفتيش الداخلي. التهامي دعت إلى مراجعة عاجلة لهذه السياسات، معتبرة أن ما يجري يُهدد قواعد الشفافية والعدالة في تدبير المال العام، مطالبة بإنصاف الشركات المتضررة وإعادة الاعتبار للمعايير الموضوعية في إبرام الصفقات داخل قطاع حساس كالصحة.