تمدد النفوذ الإيراني في إفريقيا في إطار التقارب الجزائري الإيراني

محمد البغدادي (باحث في مركز الدكتوراه في تخصص القانون الخاص كلية الحقوق بطنجة)

لاشك أن النفوذ الإيراني في إفريقيا يعود إلى الواجهة من خلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إلى المغرب بتاريخ 11 غشت 2021 ، حيث حذر من التقارب الجزائري الإيراني على ضوء خلفيات قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران بتاريخ 1 ماي 2018 ، وذلك بسبب تسهيل عمليات إرسال الأسلحة والدعم العسكري من جانب طهران لجبهة الانفصالية « البوليساريو » الحاضنة لدى النظام الجزائري، كما في الأمر لوزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي حذر هو أيضا إيران بالسعي لزعزعة استقرار دول شمال وغرب إفريقيا عند حضور مؤتمر تنظمه لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) بواشنطن بتاريخ 6 ماي 2021.

كما تأتي هذه الزيارة الإسرائلية للمغرب في سياق استحضار قرار النظام الجزائري بقطع علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع المملكة المغربية بتاريخ 24 غشت 2021 ورفض الجزائر بمعية مصر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا عن منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي بتاريخ 22 يوليوز 2021 ، و في إطار تأكيد على المسؤولية التاريخية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والإنسانية للجزائر في خلق وإطالة أمد النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية في اجتماع السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال خلال تدخله للرد على التصريح غير الموفق وغير اللبق والمليء بالأكاذيب للممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، سفيان ميموني، على ضوء أشغال الندوة الإقليمية للجنة ال24 لمنطقة الكاريبي، المنعقدة بدومينيكا، في الفترة من 25 إلى 27 غشت 2021 مؤكدا أن « الجزائر كانت منذ البداية طرفا فاعلا في هذا النزاع »، حيث قرأ السفير هلال أمام الحضور رسالة بعث بها السفير الجزائري الأسبق لدى الأمم المتحدة بتاريخ 19 نونبر 1975 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ووزعت كوثيقة رسمية لمجلس الأمن، أكد فيها الممثل الجزائري بشكل واضح أنه « بالإضافة إلى إسبانيا بصفتها سلطة إدارية، فإن الأطراف المعنية والمهتمة بقضية الصحراء الغربية هي الجزائر والمغرب وموريتانيا ». ولا وجود آنذاك لما يسمى بالبوليساريو، في رد ساخر للسفير هلال.

كما أن صحيفة دير شبيغل الألمانية في تقرير لها بتاريخ 8 يوليوز 2021 قالت » إن دعم إيران للبوليساريو نابع من بحثها عن اكتساب نفوذ بالمناطق غير المستقرة، معتبرة أن الجبهة ستتوصل من إيران بصواريخ أرض-جو، وأيضا تحضر لمعسكرات تدريب مع حزب الله في الجزائر لتدريب أفراد البوليساريو ».

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب قد قدم وثائق للحكومة الإيرانية تثبت أن سفارة طهران بالجزائر تقوم بتسليح وتدريب البوليساريو بمساعدة حزب الله، وشملت تلك المساعدات الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف مثل (سام 9) و(سام 11)، ونتيجة لهذه الخطوة قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران ، حيث أكد رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، في وقت سابق أن ‏ »قرار المغرب بقطع العلاقات مع إيران قرار مغربي خالص، بعد أن ثبت بالأدلة أنها تدعم جبهة البوليساريو عسكريا وبالخبرات العسكرية مباشرة أو بواسطةحزب الله اللبناني.

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بشدة هو: متى ستتوقف المناورات والمؤامرات الإيرانية في دعم المليشيات المسلحة وتوسعها النفوذي في إفريقيا ؟ هل التقارب الجزائري الإيراني تحول
استراتيجي أم تكتيكي؟.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *