هاشتاغ
ننتقل في هذا الحوار المطول مع السيد “غسان صليبا” حول وضعية المهاجرين بكتالونيا وموضوع الهجرة وسياسة الحكومة الاسبانية اتجاه المهاجرين ومواضيع أخرى مرتبطة بالاجانب المقيمين بإسبانيا
حاوره محمد ياسر بوبكري/ إسبانيا
من هو غسان صليبا؟
غسان صليبا من اصل لبناني، جاء الى اسبانيا عام 1980 خلال الحرب الاهلية اللبنانية، منذ وصوله الى اسبانيا،عمل على الصعيد السياسي والاجتماعي للتضامن مع الشعب اللبناني من اجل السلام، والتطور الديمقراطي للبنان وعلى دعم المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرأئيلي، ودعم قضية الشعب الفلسطيني.
من مؤسسي الجمعية الكتلانية اللبنانية التي ما زالت ناشطة حتى الان، من مؤسسي الجمعية الكتلانية من اجل السلام، و عضو في جمعية مراسليين الاجانب في اسبانيا.
كيف أصبحت كاتبا في نقابة CCOO؟
في عام 1993 انتسبت الى النقابة الكونفدالية العمالية الوطنية الكتلانية CCOO، كعضو في فيدرالية العامليين في مجال الصحافة.
الكونفدرالية العمالية تعتبر النقابة الاولى في كتالونيا واسبانيا من ناحية الاعضاء المنتسبين، ومن ناحية عدد التمثيل من ناحية الانتخاب المباشر، من طرف العمال في الشركات والمصانع والمؤسسات المختلف للقطاعات الانتاجية والخدماتية العامة والخاصة.
انتسابي للنقابة كان عن قناعة لضرورة وجود نتظيم نقابي قوي يدافع عن حقوق الطبقة العاملة الكتلانية ومتضامن مع نضالات الطبقات العمالية ونضال الشعوب في العالم، اني وجدت في الكونفدرالية النقابية CCOO التنظيم الاقرب الي على الصعيد السياسي والفكري والايديولوجي.
من خلال المشاركة النشيطة في حياة النقابة النضالية انتخبت في عام 1996 مسؤول عن سياسة الهجرة في مدينة برشلونة وضواحيها وفي سنة 2000 انتخبت عضو اللجنة التنفيذية ومسؤول عن الهجرة ورئيس جمعية الارشاد للعمال الاجانب في كتالونيا، وفي عام 2004 عضو في السكرتريا العامة وفي اللجنة التنفيذية ومسؤول عن الهجرة ورئيس مكتب الارشاد للعمال الاجانب وبقيت في هذا الموقع عبر الانتخابات والمؤتمرات العامة للنقابة حتى عام 2016، حيث طلبت انا شخصيا تغيير في المسؤولية من خلال قناعتي بضرورة التغيير في المسؤوليات ورفض فكرة ان المهاجر يمكن ان يستلم مسؤوليات فقط في مجال الهجرة ، الانسان المناضل من اصل اجنبي او لا، يمكن ان ينشط في اي مسؤولية، وبذلك في المؤتمر الاخير للنقابة تم انتخابي مسؤول عن شبكة العمل التضامني في النقابة التي كان لي دور اساسي في تأسيسها لتنظيم التضامن العمالي مع العائلات العمالية الفقيرة والمحتاجة، كما انتخبت مسؤول عن سياسة النقابة بموضوع الاشخاص ذوات الحاجات الخاصة ودمجهم في سوق العمل، عن طريق سياسة النقابة فيما يخص العناية بالمسنيين والمساعدة الاجتماعية ومسؤول عن العلاقات والتضامن مع الحركات النقابية العربية.
كيف تقيمون عملكم منذ تحملك المسؤولية؟
خلال فترة المسؤولية عن موضوع الهجرة في النقابة عملت في عدة اتجاهات، اولا المساواة في الحقوق وعدم التمييز بين العمال على اسس عرقية او اللون او الجنس والمعتقد، من ناحية الانخراط في سوق العمل، من ناحية المعاشات، وظروف العمل او من ناحية التأهيل والتقدم في مراكز العمل.
ثانيا من ناحية المشاركة الفعلية في الحياة النقابية، من خلال رفع عدد المنتسبين للنقابة، والدفع في الرفع من عدد العمال المهاجرين في تحمل المسؤوليات النقابية، والرفع كذلك في عدد ممثليين عن العمال المنتخبين في مراكز العمل.
حيث 2012 استطعنا ادخال تغيير في النظام الداخلي للنقابة وتعريف النقابة كممثلة للطبقة العاملة الكتلانية بمختلف تعدديتها من ناحية الاصل واللون والمعتقد والسن، بشكل لآخر استطعنا تبني فكرة ان العمال المهاجرين هم جزء من الطبقة العمالية الكتلانية في نفس الحقوق والواجبات.
الشيء الذي جعل من هذه التعددية ان تنعكس على العمل النقابي في المؤسسات والشركات من ناحية وضع ادارة موضوع التعددية في مراكز العمل كأولوية في العقود الجماعية، من ناحية تنظيم ساعات العمل حسب حاجة كل عامل ومن خلالها اعطاء حلول للعمال الذين يمارسون الديانة الاسلامية وخاصتا موضوع الصيام، او في حالات اخرى بسبب مرض او وفاة احد افراد العائلة في البلد الاصل.
واخيرا استطعنا توسيع عمل مكتب الارشاد للعمال الاجانب لنصل الى فتح 50 مركز في كتالونيا لارشاد العمال الاجانب بشكل مجاني حول الاقامات والقضايا الادارية وجمع الشمل …الخ
ماهي أهم المشاكل التي يعاني منها المهاجرين عامة والمغاربة بشكل خاص؟
العمال الاجانب يعانون بشكل اساسي من فقدان فرص العمل في القطاعات الانتاجية، وان وجدوا عمل فهو عمل هش وغير ثابت، ولذلك نجد معظم فرص العمل المتاحة للعمال الاجانب في قطاع الخدمات (وحدات فندقية، مطاعم، مقاهي، ومهام المنزلية والتنظيف).
كما يعانون كذلك من الفرصة القليلة في سوق الشعل وعدم ايجاد العمل حسب كفأتهم العلمية، ومستواهم الدراسي.
وبالتالي يمكن القول ان أغلب فرص العمل للاجانب هي في قطاعات لا تتطلب مستوى علمي ودراسي، واعتقد انها من أهم المشاكل الاساسية.
طبعا الى جانب مشاكل اخرى مرتبطة بعملية الهجرة بحد ذاتها من ناحية اللغة، التأقلم، الاستقرار، السكن.
ماهي المشاكل التي تعاني منها الجالية المغربية؟
بخصوص المهاجرين المغاربة، اعتقد بأن المشكلة الاساسية بعد الازمة الاقتصادية الاخيرة، حيث منذ عام 2008 حتى الان، ومع انهيار قطاع البناء وضعف القطاع الزراعي وتراجع القطاع الصناعي، جعل امكانية الحصول على عمل ثابث وبشروط لائقة غير ممكن في الوقت الحالي، واعتقد ان نسبة البطالة بين العمال المغاربة مرتفعة جدا، وهناك مشكلة أخرى سنرى تأثيرها في السنوات المقبلة تتجلى في الرسوب الدراسي وممكن ان نجد هدرا مدرسيا عند العديد من الاسر المغربية وذلك لارتفاع تكاليف التمدرس وانخفاض فرص العمل القار، وهناك عدد مهم من الشباب والشابات المغاربة لاسباب عديدة تركوا الدراسة وهذا سيكون له تأثير من ناحية التهميش الاجتماعي والعزلة، وكنتيجة السياسة العامة وهناك تهميش بقرار ذاتي وعدم الاندماج والمشاركة في الحياة العامة وفي السياسة.
ما هي السياسة التي تنهجها حكومة سانشيز إتجاه المهاجرين؟
من الصعب التكلم عن سياسة واضحة لحكومة “شانشز” بما يخص الهجرة، وكما نعلم جميعا، انه عمليا ليس هناك سياسة جديدة للحكومة الاشتراكية بسبب الظروف السياسية في اسبانيا وعدم الاستقرار. منذ سنتين حتى الان ليس هناك مبادرات سياسية من قبل الحكومة الاسبانية وعمليا هناك نوع من الجمود السياسي والابتعاد عن الكلام بما يخص الهجرة، عدم طرح موضوع الهجرة على طاولة النقاش السياسي، خوفا من رد فعل من قبل الاحزاب اليمينية العنصرية.
ومن هنا يمكن القول انه لا يوجد اي ارادة لاعادة احياء البرامج والميزانية لتسهيل تأقلم المهاجرين الجدد في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ومن ناحية فرص العمل.
هذا سينعكس ايضا على برامج وسياسة البلديات والمقاطعات وبلورة برامج تهم الهجرة والمهاجرين.
ونتيجة لهذه السياسة جعلنا نشاهد تخبط وتناقض في سياسة استقبال اللاجئيين والمسمات بالأزمة الانسانية في المتوسط.
لكن هناك امل مع تشكيل الحكومة الجديدة للتحالف بين الحزب الاشتراكي و اونيدوس بوداموس على برنامج اجتماعي وسياسي لصالح تأقلم المهاجرين، ومن ناحية سياسة متوسطية انسانية لانقاذ حياة الالاف من اللاجئيين الذين يريدون الوصول الى اوروبا والى اسانيا.
في نظرك، كيف هو النموذج الحالي للتعاقد؟
هذا مرتبط لحد كبير بالسؤال السابق، عدم وجود سياسة هجرة وللتعاقد من الاصل، فقانون الاجانب الذي عدل عدة مرات دائما بحجة محاربة الهجرة الغير الشرعية وتحسين التعاقد من البلد الاصل لم يحل المشكلة، وزادت الازمة الاقتصادية منذ عام 2008 الى تجميد فعليا كل وسائل التعاقد في البلد الاصل من ناحية ما يسمى النظام العام، وهذا يسمى كابوس، عمليا على الارض لا يوجد اي اداة فعلية لتنظيم مجيئ العمال الاجانب بشكل طبيعي.
فمنذ سنة 2008 حتى الان تم تجميد عمل اللجان المشتركة بين ارباب العمل، النقابات والمؤسسات الحكومية المختصة في سوق العمل، والتي من مهماتها تحديد كل ثلاثة اشهر الوضع الوطني لسوق العمل والحاجة لليد العاملة الاجنبية وفي اي قطاعات، وحاليا ليس هناك اي دراسة حول هذا الموضوع باستثناء الدراسات والخطاب السياسي حول الازمة الديموغرافية، الحاجة ليد عاملة شابة لتأمين معاشات الشيخوخة، واليد العاملة الشابة بسبب انخفاض الولادات، وبالتالي لا بد من ان تكون يد عاملة اجنبية. واعتقد رغم وجود قانون للاجانب اسسه هو اعتبار الوضع الوطني للعمل، الى جانب انه لم يحل المشكلة ايضا هو وراء هذه النظرة ” الاداتية” instrumentalisation ، المكانيكية والصرف اقتصادية نحو موضوع العمالة الاجنبية، نظرة الى العامل الاجنبي كأداة، كألة فقط للانتاج وليس كأنسان.
ما هو مقترحكم ليكون الأفضل؟
ليس من السهل ايجاد حل للتعاقد من بلد الاصل، في ظل الوضع الاقتصادي العام والوضع الدولي، لا يمكن تنظيم ما هو اصلا غير منظم، وفي ظل نظام عالمي يسمح باستغلال اليد العاملة اينما وجدت، ليس هناك معايير عالمية لعمل لائق ، ان الشركات تفتش عن يد عاملة رخيصة وبدون حقوق، فهذه الشركات بقدرتها التنقل من بلد الى اخر للحصول على كلفة انتاج منخفضة وهذه الكلفة المنخفضة تدفعها الطبقة العاملة من مستوى معيشتها.
انا اعتقد بانه من الممكن تحسين شروط التعاقد وتنظيمه بعض الشيء، ولكن لن يكون الحل النهائي او الكامل، اعتقد بانه من الضروري اعادة العمل باللجان المشتركة بين اصحاب العمل والنقابات والمؤسسات الوطنية للشعل في البلد الاصل وفي البلد الذي بحاجة ليد عاملة، الى جانب مشاركة الجامعات والباحثيين الاقتصاديين والديموغرافيين للوصول الى التقارب نوع ما من الواقع ومن الحاجة، وعملية التعاقد يجب ان تتم عبر المؤسسات الوطنية للشغل في البلد الاصل والبلد الذي بحاجة ليد عاملة وبالتنسيق مع السفارات والهيئات الديبلوماسية للحصول على التأشيرة.
اعتقد اننا في القرن 21 من السهل ايجاد عملية تقنية عن طريق المعلوماتية للتواصل بين قاعدة المعلومات للمؤسسات الوطنية للشغل، وهذا ايضا يتطلب نوع من الشفافية.
لكن اعود واكرر انه عبر هذه الطريقة نحسن بعض الشيء من موضوع تدفق المهاجرين بشكل عام والعمال بشكل خاص، في هذا الموضوع تدخل عوامل اخرى مثل البطالة بين المهاجرين، البطالة بشكل عام، النمو والتطور ، وبشكل اساسي موضوع الحق للانسان بالعيش مع عائلته، اذا الحق بالتجمع العائلي ومن خلال التجمع العائلي ايضا هناك يد عاملة مستقبلية.
الموضوع ليس بسيط وسهل، انما يتطلب نقاش ودراسة عميقة من كل الجوانب، المهم لنا بشكل اساسي ان تكون لليد العاملة الوافدة نفس الحقوق وحياة كريمة لها وللعائلة، اساسها احترام حقوق الانسان
هل من السهل على المهاجرين العرب أن يندمجوا في المجتمع الكتلاني؟
ان الاندماج او التأقلم ليس بعملية تقنية وميكانيكية، هي عملية طويلة الامد، تتطلب شروط ومحيط مناسب واهمها سياسة تسهل وتقصر من الفترة الزمنية للتأقلم، وهذا يكون في الاتجاهين، والاحساس بالانتماء الى المجتمع الذي نعيش فيه وهذا ممكن اذا توفرت من ناحية الارادة الشخصية ومن ناحية اخرى ان يحس الشخص بانه في مجتمع يحترمه كإنسان وفي مجتمع يؤمن له المساواة على جميع الاصعدة من التعليم، الصحة، العمل، حياة لائقة، حرية التعبير كفرد وكثقافة ومعتقد وحرية المشاركة في القرارات التي تعنيه، ومنها المشاركة السياسية.
لذلك اعتقد ان للمهاجرين العرب القدرة على التأقلم اذا أمنت لهم الشروط والظروف التي تكلمت عنها سابقا، اعتقد ان موضوع التأقلم ليس مرتبط وليس هو موضوع ثقافي، اتني، وانما موضوع اجتماعي، طبقي وظروف حياة لائقة.
ما هي وجهة نظركم في المقترح الذي سيقدمه الحزب الإشتراكي الكتلاني بخصوص تصويت المهاجرين في الإنتخابات المحلية؟
ليست المرة الاولى التي يتم فيها التكلم وتقديم الاقتراحات حول حق المهاجريين بالمشاركة في الانتخابات البلدية من ناجية التصويت او الترشح.
منذ قدومي الى اسبانيا في سنوات الثمانيات نظمنا حملات عديدة وشاركتنا فيها احزاب عديدة تقدمية ويسارية كتلانية واسبانية، وحتى من بعض الاحزاب اليمينية الليبرالية ولكن دائما كنا نصطدم بعدم الجدية ونوع من العنصرية بحصرها في بعض دول اميركا اللاتينية التي لديهم اتفاقيات او وقعت اتفاقيات مع اسبانيا، بما تسمى سياسة المعاملة بالمثل وهكذا بقي معظم المهاجرين خارج الحق بالمشاركة.
اعتقد انه يجب ان يكون هناك الجراءة من قبل الاحزاب الاسبانية في تنفيذها عبر تعديل مادة في الدستور وقانون الانتخابات.
فانا شخصيا بعد زمان طويل من سماع ترداد هذه الاقتراحات اشك بجديتها وانما اعتقد انها للاستهلاك فقط او عن طريق طرحها يريدون توسيع عدد الدول التي لديها اتفاقيات “تعامل بالمثل” وهذا ليس المطلوب، هناك مهاجرين يأتون من دول تنعدم فيها الديمقراطية، ومن دول اخرى من الصعب ان توقع على اتفاقية التعامل بالمثل، هؤلاء المهاجرين ومواطنيين سيبقوا مدى العمر بدون الحق بالتصويت او الترشح، هذا يشكل نوع جديد من التمييز، بينهم وبين المواطنيين الاسبان وبينهم وبين المهاجرين الاخرين.
اتمنى ان اكون خاطئا.
كلمة أخيرة من فضلك موجهة للمهاجرين العرب المقيمين هنا في كتالونيا؟
اتمنى على الجاليات العربية التوحد والتنسيق، لدينا كثيرا من الهموم والاهداف المشتركة، ولدينا قضية وطنية مشتركة ومركزية هي قضية فلسطين. انه بقدرتنا خلق لوبي عربي مؤثر على السياسة العامة لصالح قضاينا كمهاجرين وقضايا شعوبنا.
رغم ان عدد كبير من المهاجرين العرب لا يحق لهم المشاركة في التصويت او الترشح وانما هناك عدد كبير ايضا بحصوله على الجنسية الاسبانية له الحق ويمكن ان يلعب دور مهم وضاغط.