مداخل مؤتمر الاتحاد الاشتراكي

علي الغنبوري

من المؤكد ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مقبل على مؤتمره الحادي عشر ، في ظل ظرفية سياسية و تنظيمية حاسمة ، تجعل من هذه المحطة ، لحظة استثنائية في تاريخه ، باعتبار اولا مكانة الحزب داخل المنظومة السياسية الوطنية ،و ثانيا باعتبار مجمل الاحداث و الوقائع التي عاشها في الحقبة الاخيرة .

و ياتي هذا المؤتمر في ظل معطى مركزي و رئيسي داخل الحزب ،يتجسد في مشروع المصالحة التي دشنها الاتحاد الاشتراكي في صفوف مختلف الاجيال المتعاقبة عليه، بغرض رص الصفوف و تقوية الذات الداخلية و التوجه نحو المستقبل بارادة التجميع ،و جعل الحزب اكثر انفتاحا و استيعابا لكافة ابنائه و بناته .

و اذا كانت هذه المصالحة ورشا مفتوحا غير متوقف ، فانها تشكل اليوم احد اهم المداخل لبناء الحزب مستقبلا ، فهي تعبير على التجاوز و ترك الماضي الطويل ، المليء بالالام و الصراعات و التطاحنات التي ادخلت الحزب في ازمة غير متناهية و غير محددة الافق ، و استبداله بتصور مستقبلي ، يساهم الجميع في صياغة ملامحه و توجهاته .

لا شك ان المؤتمر المقبل ، سيحمل تصورات و طموحات و اهداف مختلفة و متنوعة لعموم الاتحاديات و الاتحاديين ، لكن السؤال المطروح اليوم ، يتمحور حول شرعية هذه الطموحات و الاهداف ، و كيف يمكن اسقاطها داخل الحزب و بلورتها الى برامج تمكن اصحابها من خوض المنافسة داخل الحزب .

فلا يمكن اليوم القبول بنشوء اي طروحات و مقاربات تنظيمية وسياسية ، نابعة من خارج الحزب ، و ترفض اي مداخل تنظيمية قائمة ، و ترفع شعار الاتحاديين خارج التنظيم الحزبي ، الاتحاد اليوم تجاوز كل الثغرات التنظيمية و السياسية التي تعرقل مساره ، و اوجد كل الصيغ الممكنة اخلاقيا و سياسيا لتجميع مناضليه ، و فتح ذراعيه للكل بدون استثناء ، و جعل من الحزب المؤسسة اساس اي حركية تنظيمية و سياسية داخله .

فمن يسعى الى البناء و التجديد و التطوير ، لا يمكنه ان يسير في طريق الهدم و الضرب في الحزب في شتى الاتجاهات ، و لا يمكنه ان يتنصل من انتمائه ، كما لا يمكنه ان ينزع عن الحزب شرعيته تحت اي مبرر من المبررات ، خاصة و ان الحزب اليوم ،بات اكثر وضوحا و اقتناعا بضرورة اعادة البناء .

الحزب اليوم مقبل كذلك على استحقاقات انتخابية مصيرية ، تقتضي من جميع الاتحاديات و الاتحاديين ،العمل المتواصل و الصادق من اجل تمكين الحزب من كسب هذا الرهان و الحفاظ على وجوده و على مكانته السياسية ، فمن يحمل مشروعا تنظيميا داخل الاتحاد يتوجب عليه اولا المساهمة الجادة و الفعلية في دعم الحزب خلال هذه الاستحقاقات .

فلا يعقل اليوم ان نتوجه الى المؤتمر ، بمشاريع تنظيمية و سياسية ، اخلف اصحابها مواعيدهم مع الحزب تنظيميا و سياسيا و انتخابيا ، فالشرعية الحزبية تنطلق اولا من مدى مساهمة الاتحادي او الاتحادية في تقوية الحزب و الدفاع عنه و عن مشروعه المجتمعي و السياسي، في شتى الواجهات .

هذه الشرعية و المساهمة ، لا تعني باي حال من الاحوال ، الغاء الاختلاف داخل الحزب ، او الدعوة للخضوع و الخنوع ، لكن هذا الاختلاف لا يجب ان يتحول الى اداة لجلد الحزب ،و كسره مجتمعيا و سياسيا ، و تمكين خصومه من وسائل انهاكه و محاصرته .

من حق الاتحاديات و الاتحاديين ، التوجه الى المؤتمر الوطني للحزب ، بمشاريع تنظيمية و سياسية مختلفة ، و بمنافسيين متعددين ، لكن من الواجب عليهم ان يحافظوا على الحزب كمؤسسة ، تفرض على الجميع احترامها و صون مرتكزاتها التنظيمية و السياسية ، و منع اي رؤى و مقاربات ملتبسة تتربص بها .

المؤتمر ، هو لحظة تتويج و فرز للديناميات الموجودة داخل الحزب ، و التي ساهمت و تساهم في بقاء فكرته و تنظيمه و مبادئه ، و ليس مناسبة للانقضاض عليه باسم الاختلاف و اعادة البناء ، فاعادة البناء تقتضي المساهمة و الجهد اولا و قبل كل شيء ، لا التنصيب و الحمل فوق الاكتاف .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *