” نداء الحسن “

عبد السلام المساوي

ولحديث الوطنية في النفس وعليها وقع خاص . في مثل هذا اليوم قبل خمسة وأربعين سنة ، وطأت أقدام 350 ألف مغربي ومغربية مشاركين في المسيرة الخضراء ، أرض الصحراء المغربية في انجاز مبهر تنظيما وتدبيرا .

قبل خمس وأربعين سنة ، حرر المغاربة أقاليمهم الجنوبية بسلمية رائعة فيها من الابداع الشيء الكثير ….والمسيرة متواصلة ….

مغرب 2021 يختلف عن مغرب 1975 اختلافات الكون كلها .وحده شيء أساسي لا زال ثابتا في النبض ، في العرق ، في الفؤاد : حب الوطن .
في كل مكان من هذا البلد الامين ، يرن ” نداء الحسن ” بنفس النغمة المحببة الى الأذان اليوم ، يتساءل البعض عن سر بقائها . يأتي الجواب بالإجماع ” لأن فيها حنين للصراخ بحب البلاد “

ستة و أربعون سنة لم تكن ضائعة ولا متهاونة وللذي قد يشكك في بعض هذا الكلام ما عليه سوى زيارة العيون أو الداخلة أو السمارة ليقف على ما تحقق من منجزات .

ان روح المسيرة الخضراء ، التي أطلقها الراحل الحسن الثاني ، بقيت مستمرة ومتواصلة الى اليوم ، وهذا نهج مغربي يصبو نحو الحداثة والحكامة والتنمية المستدامة . وبروح المسيرة الخضراء ستظل الصحراء مغربية بشرعيتها وبنمائها وبازدهارها .

هذه البلاد نعيش فيها وتحيانا ، نرى مشاكلها اليومية ، نقسو عليها احيانا ، ونتبرم ونمل ونقول كاذبين ، ” لو وجدنا التأشيرات لعبرنا الى اي مكان اخر وهربنا ” ، ثم حين الهروب حقا منها تهجم علينا كلها ، وتسكن فينا كل المسام تدمع منا الأعين كلما ذكر اسم المغرب امامنا ، ونتمنى فقط لحظة العبور ، لكي نعود إليها ونطلب الكثير من الاستغفار ، اننا لم نعطها حقها ، وأننا لم نعرف قيمتها وأننا ساهمنا مع المساهمين في سبها ، في النيل منها ، في انتقادها في المليئة والفارغة .

لنا النماذج امامنا ، ترى ، تتابع ، تتوالى ، كلها تقول لنا الشيء الواحد ذاته : مثل هذا البلد لن نجد ابدا ، ومثل هذه القدرة على الحب لهذا الوطن ، لن نلفي وان بحثنا في كل مكان .

فقط علينا أن نجد الفوارق السبعة بين حب الوطن لوجه الوطن ، وبين حبه لانه يعطينا او كرهه لانه نسي أن يعطينا بعض الفتات .

قالها الكبير يوما في العبارة التي يحفظها الجميع ” لا تسألوا أنفسكم ماذا أعطانا وطننا بل اسألوا أنفسكم ماذا اعطيتم لهذا الوطن “

لذلك يبدو الرهان اليوم واضحا للغاية ، غير قادر على مداراة نفسه : هذا البلد محتاج للقادرين على الدفاع عنه ، المستعدين لبنائه وتنميته والصعود به ، المفتخرين بالانتساب إليه ، المصارحين بحقائقه كلها صعبها وسهلها ، حلوها ومرها ، لكن المنتمين له لا الى اي مكان اخر .

وطني او خائن ولا توجد مرتبة وسطى بين الخيانة والوطنية
والمغرب في الليل من 6 نوفمبر 2021 ينفض عنه يوما بأكمله ويستعد لعناق ليلة جديدة ، كان ” نداء الحسن ” يؤكد كلماته بعد مرور ستة وأربعين سنة ، ويحورها قليلا لكي يصبح نداء الملك وشعبه في سنة الناس هاته البعيدة تماما عن السبعينيات المقتربة اكثر مما يفتحه المستقبل من رهانات كبرى لهاته الارض ، ولأهل هاته الارض .

المسيرة الخضراء ليست مجرد ذكرى وطنية نحتفل بها والسلام . هي درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وابدأ ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *