إدريس لشكر : لا يمكن لأي حزب الوقوف في اتجاه التغيير

عبد السلام المساوي

1_ نريد انتخابات تشكل رافعة الأمل

على الرغم من الخسائر الجسيمة التي ألحقتها جائحة كورونا بالنظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، الا ان أعلى سلطة في الدولة عقدت العزم على احترام الأجندة الدستورية مهما كانت الظروف وهذا في حد ذاته يستحق التنويه ، لكن الانتخابات لم تكن في يوم من الأيام هدفا بحد ذاتها ، وانما آلية لتقرير مصير الوطن لولاية كاملة بما يتطلبه ذلك من حسن الاختيار .

نريد انتخابات تعيد بناء النظام السياسي وتوفر شراكة متجانسة بين مكونات الحكومة والبرلمان بناء على تحالفات ذات معنى ؛
نريد انتخابات تعيد الثقة في المؤسسات وتقوية الجبهة الداخلية ؛
نريد انتخابات تشكل رافعة للأمل وليس محطة روتينية للقضاء على ما تبقى من أحلام الشعب المغربي .

ان ما يعزز أهمية الانتخابات المقبلة ويجعلها مفصلية في تاريخنا ، هو ما يتعرض له بلدنا من من مخاطر وتحديات من كل حدب وصوب وتفرض ان تكون الأولوية الجماعية لاحباطها ، وتكون الانتخابات في هذه الحالة نقطة ضمن خطة شاملة لرص الجبهة الداخلية وتقوية الخيار الديموقراطي الذي يعد أحد الثوابت الجامعة للأمة المغربية .

لا تزال الفرصة سانحة لتكون الانتخابات المقبلة فرصة مفصلية لتجاوز حالة الانتظار السياسي الذي دخله المغرب منذ عقد ، لكن من أراد الانتخابات فعلا ان تتحول الى فرصة عليه أن يعمل كل ما يلزم لانهاء لغة المزايدات والابتزاز ولعب دور الضحية واللعب على كل الحبال ، بحيث يكون التنافس والخلاف في إطار البرامج الواضحة وباعتبارها المدخل الوحيد للانتقاء بين المنافسين ، وليس الاتجار في الأصوات وبيع الوهم .

ان الرهان اليوم ، ليس بسيطا ولا هينا هو مرتبط بإعادة الثقة في المؤسسات واغراء المواطن بالذهاب الى صناديق الاقتراع لأنها هي الطريقة الوحيدة للتقرير في مصيره السياسي ، وهو ما يتطلب توجيه جهود الأحزاب السياسية نحو زرع الأمل وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية ، وليس دفع المواطنين باتجاه تصعيد حالة الغضب والابتعاد لسنوات ضوئية عن المشاركة ، لأنه لا يجد أجوبة واقعية عن همومه من فقر وبطالة وأمية وهذا لن يتحقق اذا لم توقف الأحزاب اياها اطلاق الاعيرة الباردة بينها وتنهج خطابا وممارسة ايجابيتين من اجل مصلحة البلد .

باختصار نحتاج الى خطاب نوعي وتوعية للأحزاب الوطنية وتحفيز للمواطن لتجاوز حالة اللاهتمام ، فما أكدته حالة كوفيد 19 يوضح بالملموس أنه من غير العودة إلى جوهر القضايا الشائكة اجتماعيا واقتصاديا ودباوماسيا سيبقى المغرب أسير حروب سياسوية لا بد أن تدخله يوما لنفق مظلم لن يستطيع الخروج منه بسهولة .

نريد أن تكون الانتخابات فرصة للخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه المواطن المغربي بفعل جائحة كورونا وبفعل حصاد عشر سنوات عجاف من أداء حكومة العدالة والتنمية .

2_  » كم من نقمة في طيها نعمة « 

يقول الأستاذ إدريس لشكر في حوار مع جريدة الصباح ، يوم الثلاثاء 11 ماي 2021 _ العدد 6514 _  » يؤكد التاريخ أن الأزمات الكبرى تؤدي الى اتخاذ قرارات فيها طفرة ان لم نقل ثورة ، واذا ما انتخب المغاربة هذا العام حكومة مسؤولة وقادرة على تنفيذ هذا المشروع الطموح المتعلق بالحماية الاجتماعية ، فإن مغرب 2025 سيكون أحسن اجتماعيا مما هو عليه الآن ، ستصبح للمواطن ارقام تسلسلية على غرار بطاقة التعريف الوطنية للاستفادة من الحقوق وتأدية الواجبات ، اذ لن تكون هناك حاجة إلى انتظار احسان المحسنين ، وتكرار مشاهد العراك في طوابير توزيع القفة ، وسيختفي كل ذلك وقد لا نرى معالم الاحسان الانتخابي في الاستحقاقات الموالية .

فعلا بذلت الدولة مجهودا كبيرا لتغطية النقص الحاصل في هذا المجال بانشاء صندوق التضامن ، وهنا وجب التنويه بالعمل الجبار الذي ادته إدارة الداخلية والمالية بتوزيع الدعم الموجه للمعوزين في مواجهة تداعيات انتشار كورونا وتداعيات التدابير الإحترازية التي أوقفت عجلة الاقتصاد ، بالسرعة والكفاءة المطلوبة رغم عدم توفر المعطيات ، بالنظر إلى السجل الاجتماعي ما زال قيد الانجاز ، ذلك أن مقولة  » كم من نقمة في طيها نعمة  » تصح بهذا الخصوص ، فلولا تضافر الجهود والتضامن بين المغاربة لكانت الحصيلة كارثية … »

3_ ايمان حزب العدالة والتنمية بالديموقراطية أمر مشكوك فيه

يقول الأستاذ إدريس لشكر في ذات الحوار :  » واهم من يعتقد أن التشبث بالمسؤولية الممتدة في الزمن لا يكون له تأثير سلبي على شعبية الحزب لذلك أبدعت الدول كما المغرب فكرة التناوب الديموقراطي كما وقع في اسبانيا بين الحزب الاشتراكي الذي أسهم في تجاوز المرحلة الانتقالية بعد نهاية نظام فرانكو ، وبعدها الحزب الشعبي ، ونتذكر كيف كان زعيم هذا الحزب أزنار يهاجم المغرب ويستعمله ورقة إنتخابية ، واعتقد انه سيكون الفائز ليلة الانتخابات ، لكن الشعب الاسباني غير موقفه في آخر لحظة بالتصويت مجددا على غريمه الاشتراكي .

ولا يمكن لأي حزب الوقوف في اتجاه التغيير ، وهو مسألة طبيعية جدا بخلاف الذين يريدون أن يستمروا دائما في رئاسة الحكومة ، وهذا يعني ان ايمانهم بالديموقراطية أمر مشكوك فيه ، علما أن تحمل المسؤولية يفقد الشعبية ، لأن الحكومة تفرض اتخاذ قرارات من قبيل فرض الضرائب على المواطنين ، وفرض قيود معينة لاحترام القانون ، والانسان بطبعه يرفض هذه القيود والصرامة في تطبيق القانون .

ومع كامل الاسف لم يستطع حزب العدالة والتنمية استيعاب هذا الدرس ، اذ كان من الضروري أن يروا الأمور بطريقة مغايرة .

ينظرون الى الاتحاد الاشتراكي على طرف نقيض لهم ومع ذلك لم يراجعوا الكيفية التي تعامل بها الاتحاديون بها بتدبير الخلافات بكل مسؤولية وحتى عندما كان الاتحاديون يدبرون الوزارة الأولى  » .

4_ » أموالهم حلال عليكم وأصواتكم حرام عليهم « 

يقول الأستاذ إدريس لشكر في الحوار المشار إليه أعلاه  » بالنظر إلى طبيعة النقاش الدائر ارتأينا أن نبتعد وننأى بالحزب عن هذه  » السياسوية  » ، ونظرا لحساسية موضوع استعمال الاحسان الانتخابي في رمضان وعز الجائحة ستكون له تداعيات خطيرة ، لذلك سأرد بما قاله قائدنا سي عبد الرحيم بوعبيد في أحد التجمعات  » أموالهم حلال عليكم وأصواتكم حرام عليهم  » .

والذين يراهنون على استعمال مواطني 2021 ، معتقدين انهم سيكونون مثل مواطني السيتينات والسبعينات ، وأن الناخب اليوم أصبح على ارتباط متواصل بشبكة المعلومات العامة يصعب استعماله في الوصول الى المناصب ، لذلك أقول بأن من يأخذ مساعدة من مرشح فهي له حلال طيب ، لكن لا يجب أن يبادلها بصوته قبل أن يحكم ضميره ، ولا يمكن أن يكون مطالبا بالوفاء بالتزام ، فله حق التصرف في صوته حتى ولو أقسم على القران ، يمكنه ان ينقض وعده لأن ما بني على باطل فهو باطل  » .

ان اللغة. الشعبوية المتعالية لم تعد صالحة لشيء ، وان المطلوب اليوم هو ممارسة خطاب واقعي ياخذ بعين الاعتبار الاكراهات الاقتصادية والاجتماعية للبلد والتحديات والمخاطر المحدقة بالوطن ، دون أحلام وردية سرعان ما تتحول الى كوابيس تنغص على المواطن معيشته وتدفعه للاحتجاج وركوب قوارب الموت بحثا عن حياة أفضل .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *