الاستاذ الجامعي جمال عبد الناصر : كورونا ليست لعبة سياسية!

الاستاذ الجامعي جمال عبد الناصر ي : كورونا ليست لعبة
سياسية!

في ردي على تساؤل احد الزملاء يفترض كون كورونا لربما لعبة سياسية ارتأيت ان أخط ما يلي، وتلاه ان اتصل بيي موقع هشتاغ يستئذن في نشره فلم ارى مانعا في ذلك.

انا بدوري وفي اطار فكر القرب ومعاناتي التي هي معاناة الجميع من جراء المنع و الشروط التي نزلت كالصاعقة جعلتني اتأمل في مقولة نيتشه الذي وصف المرض بالصحة الكبرى la grande sante وخلاصة فكرته ان تحتفي بالمرض ضدا عن المرض ان تكون سعيدا ضدا عن المرض وبعد التأمل وجدت نفسي محتفيا كعادتي بالخصاص ضدا عن الحاجة ولم استطع ان احتفي بهذا الوباء لانه لا يخصني وحدي فهو مرض يشمل الانسانية ولا يعترف بالاجناس و لا بالطبقات ولا يعترف بمكانة المرئ ولا بيسره او عسره ولا بمركزه الاجتماعي وقد نال من رؤساء حكومات ووزراء ولربما رؤساء دول تستروا درءا للهلع كما اصاب أطباء و مشردين و عجزة وشباب فهو قاسم مشترك لا يعترف لا باللون و لا بالعرق.

من المسلمات ان الاوبئة ظاهرة ابدية بل أزلية لان الفيروسات جزء من الطبيعة متناهية في الصغر كما ان الانسان جزء من الطبيعة متناهي في الكبر بالقياس ، و كلاهما لا يقل تعقيدا عن الٱخر .

الانسان بجشعه وارادة السيطرة على الكل تسبب في اضطرابات ايكولوجية جعلت بعض الفيروسات تنتقل بواسطته هو نفسه و عبر الطائرات التي صنعها هو نفسه من مكان عيشها في أمان الى جولة عبر العالم بسبب الانحباس الحراري و سخونة الارض ، وان كانت في السابق تطفو بمعدل مرة في القرن فينبغي ان نستعد لها ومنذ الٱن لتطفو على فترات متقاربة جدا في الزمن اتصور مرة كل اربع سنين وسيبقى السجال بينها وبين الانسان فر وكر لأنها مظهر من مظاهر الحياة .

سجلت اول الحالات في الصين ولم نكن نتصور ان الولايات المتحدة ستصبح هي اكبر بؤرة في العالم بما يقارب هذه الساعة ستمائة الف حالة مؤكدة .

الانسان واهم ان كان يعتقد انه بالتطور التكنولوجي و التطور المادي وحدهما يمكن ان يقضي على المرض الذي تتسبب فيه هذه الفيروسات لانها ستبقى حية على هذه الارض ولو انعدم البشر .

فما السبيل الى الخلاص اذا ؟

السبيل الى الخلاص هو مواكبة البحث العلمي لتطورات اشكالها للتمكن من ايجاد لقاحات و أدوية تقضي عليها على عجل و تظافر جهود المختبرات لتبادل المعلومات من جهة ، ومن جهة ثانية لابد من العناية بالانسان في مجالي الصحة و الوعي.

فالأمران متلازمان لا غنى لأحدهما عن الٱخر، بدءا انوه بالمجهودات الجبارة التي قامت بها الدولة المغربية رغم ضعف الامكانات فكانت قرارات سياسية فعالة بامتياز و على راسها الحجر الصحي و صندوق الدعم الذي هو قرار سياسي لا انساني كما قد يتبادر الى الذهن .

ففي نهاية المطاف لم تتصدى لهذه الصاعقة الا الدولة فلما يا ترى نفوت منشئات صحية و تربوية للقطاع الخاص وهو بطبعه رأسمال و الرأسمال جبان لا وطن له .

من اليوم اصبح تدبير الوجود الانساني يفرض ان يكون من الكلي الى الجزئي خاصة في هادين المجالين الصحة و التعليم .

فالقوة السياسية و العسكرية لا تساوي شيئا امام صحة الانسان و تألقه الفكري ووعيه ، لاحظ معي ان الدول التي يمكن ان اسميها ناجية هي الدول التي ترتكز على نظام ديمقراطي وتتكفل بمواطنيها في الصحة و التعليم ككوريا الجنوبية و طيوان ( سنغافورا) وانا استثني الصين من النموذج مخافة ان يحتدى بها في إقرار نظام مركزي شمولي ويتم ضرب الحريات العامة والتراجع عن المكتسبات السياسية و حل المؤسسات الدستورية.

كما ادعوك ان تتمعن في الكارثة التي ضربت ايطاليا نتيجة تفريطها خلال السنين الاخيرة في سبعين الف سرير لفائدة القطاع الخاص ولو بقيت تلك الامكانات في يد الدولة لما استفحلت هذه الكارثة بتلك البلاد.

لاحظ كذلك ان عدد الوفيات بالمانيا و تركيا و روسيا و النمسا قليلة جدا وعدد الحالات التي شفيت كثيرة جدا لان المستشفى العمومي في هذه الدول هو ملاذ كل وزير و كل فقير ، وان السويد بوعي مواطنيها تبدو في امان .

التكافل الاجتماعي و لا شيئ غير التكافل الاجتماعي هو القادر على مواجهة كورونا المعاصرة و كورونا المستقبل.

النظام الليبرالي فرض هيمنته على الاقتصاد و السياسة ولكن دينامو رأسمال الذي هو محوره يتسم حتما بالجبن ولا يهمه الا الربح وموطنه هو مكان تواجد ربحه ولا يكثرت للانسان كانسان وهذه من المسلمات .
على الدولة ان تتخلى على سياسة الخوصصة في ميدان الصحة و في ميدان التعليم وهذا الكلام لن تسمعه الا من مواطنيها المخلصين من المحبين لوطنهم.

دولة التكافل دولة المواطنة وحب الوطن لا نهب الوطن و دولة الحق و الكرامة .

لا شيئ سيبقى كما هو عليه الحال الان و لربما سنستمر في وضع الكمامات على الدوام .

نحن في مفترق طرق اما ان تعيش الامة الكل معزز في وطنه واما ان نغامر مع كورونا (2024) الاشد شراسة احتمالا وأنذاك لن يجد الرأسمال يدا عاملة للانتاج لان المرض سيطفو بدون سابق انذار وسيكون مكتسحا ، وانذاك كل ياخد سنداته و امواله ليندب حظه حيث لن تجديه نفعا .

لا بد من الاستعداد لما هو ٱت

وفي نظري منهجية التكافل الاجتماعي انطلقت ولا ينبغي التخلي عنها لانها الضامن الحقيقي لوجود المواطن المعافى المتعلم الواعي المتمسك بوطنه و سياسة التأميم هي الضامن الحقيقي لمواجهة ما ستخلف هذه الٱفة من تصدعات في الميزان المالي و التجاري و استفحال مستويات البطالة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *