المهدي مزواري يكتب: صلايدوقراطية Slidocratie

لقد كنت و لا أزال من الكثيرين الذين اعتبروا خطاب العرش الأخير حدث مؤسس لمغرب جديد ، لا مجال فيه للتردد في المستويات التي شملها الحديث … لغة واضحة و توجه محسوم فيه إلى وجوب تأسيس دولة اجتماعية قوية ، راعية، حاضنة و صانعة للمجتمع المتماسك و المتضامن .

لا شك أننا أمام إحدى النقط الإيجابية في فهمنا لدروس الجائحة و ما بعدها ، و هو الأمر الذي استوجب توجيها للتفكير الجماعي حول ماهية الدولة التي نطمح اليها ، وظائفها الجديدة و فعلها في دينامية المجتمع حماية و تاطيرا و تجسيرا للتراكم الإيجابي مع المستقبل …
لقد كان الخطاب الملكي فرصة متجددة لطرح نقاش عمومي حول قضايا جوهرية تهم تشكل الدولة ووظائف المرفق العام ووجوب إصلاحه العاجل و الحتمي و الذي حظي بحيز مهم في مساحة الخطاب باعتباره محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية في مغرب الغد … و هو توجه جديد و استراتيجي يجيب عن سؤال كوني فرضته الجائحة حول التوجهات الكبرى في هندسة التنمية بعد أن توقفت الليبرالية عن إغراء النظم في مناسبات متعددة و خلال أزمات متتالية .

لذلك فعمق ما طرح من قضايا كبرى ، يستحق فعلا أن نتذاكر بشأنه كمغاربة، فاعلين و غيرهم بنفس وطني استثنائي تاسيسا لافق مشترك …
هذا فقط طموح منهجي لمناضل اشتراكي بسيط ، اعتبر أن الخطاب إنتصار لما نادت به عائلته السياسية لعقود كثيرة و عملت على تنزيل جزء منه ما استطاعت إليه سبيلا ..

غير أن الصادم حقا ، أن يتحول الأفق و الأمل و الطموح إلى خطاطة ملونة على ( Slide) للبنية التقنية التي تصورت أنها ستنزل تصورا من هذا الحجم في ثلاثة أيام و  » بدون معلم  » …

لأنه و بكل بكل عفوية عملية ، إصلاح المرفق العام يحمل من الأسئلة و الرهانات و الدلالات الشئ الكثير و لا يمكن لوزير المالية و بنيته الإدارية مهما كانت كفاءتها أن ينوبوا عن الجميع في فرض تصور لإصلاح دون الخضوع إلى تمرين النقاش العام الإيجابي و المسؤول … و هذا ليس بترف، بل بواجب اتجاه البلد يقتضي أن يكون الفاعل العمومي اول الساعين إليه و استخلاص النتائج منه …

مؤسف حقا أن يتحول الطموح إلى خطاطة ( slide) و الإصلاح إلى خطاطة ( slide) و الأفق إلى خطاطة ( slide ) و أن يتحول الحلم إلى مشروع خطاطة تنوب عن أفكارنا و نقاشنا و اجماعنا وحقنا في المشاركة … تصاغ في المكاتب و لا ننتبه إلى قصورها و فشلها الا في الازمات و طبعا بعد فوات الأوان …

إصلاح بهذا الشكل لا يعدو أن يكون مجرد عملية تجميل ( lifting) مؤقتة لأنه بدون نفس سياسي و عمق وطني جماعي و لأنه يتجاوز بكثير مهمة قطاعية مسندة إلى بنية تقنو-ادارية تحمل في يافطتها الإصلاح الإداري… لأنه ليس كذلك ، هو أكبر من إصلاح قطاعي و أعمق من تصور آلي تبسيطي لما يجب أن يكون عليه المرفق العام و ما يجب أن يضطلع به من أدوار لقيادة التنمية في البلاد .

إصلاح بهذا الإخراج يزيد من تعميق إشكال الحكامة الوطنية و يضع المفروض فيهم قيادته إلى متفرجين مبتسمين على ألوان الخطاطة و موافقين محبطين على خلاصاتها .

إصلاح بهذه السرعة يزيد فقط من جعل الكثيرين يعتقدون بأن المغرب يستطيع العيش و التطور بدون اوراش للتفكير و فضاءات للابداع و بنيات للاقتراح تمكن الجميع كل من موقعه في المساهمة في ورش التحول .

لن تبني الخطاطات مستقبل بلادنا، و لن يعوض التسويق السياسي عمق الفكرة و جدوى التدافع و نعمة الإجماع…

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *