ثوابت الفلسفة الإنسانية للمملكة: الدلالات والخصوصيات

الدكتور محمد البغدادي (باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق بطنجة)

 معلوم أن التاريخ المغربي خير شاهد على ثوابت الفلسفة الإنسانية للمملكة من خلال استحضار التلاحم الملكي الشعبي في العديد من المناسبات والأحداث التاريخية التي عاشتها المملكة سواء تعلق الأمر بثورة الملك والشعب أو بعيدي الاستقلال وبالمسيرة الخضراء المظفرة، حيث تؤكد كل هذه الأحداث التاريخية  بشكل واضح مدى تآزر وتظافر وتضامن الشعب المغربي مع الملوك المتعاقبة على العرش وعلى رأسهم قائد الأمة العاهل المغربي الملك محمد السادس حفظه الله ونصره بشأن العديد من الملفات والموضوعات الراهنة التي تشغل رأي المجتمع المغربي قاطبة.

 كما أن ثوابت الفلسفة الإنسانية للمملكة لها مراجع أصيلة من الكتاب والسنة والاجتهاد وجذور تأسيسية للبناء الفكري الفلسفي والديني والحضاري، ولها دعائم قوية ومتينة وراسخة لتكوين الشخصية المغربية، ترجع إلى ما هو مرتبط بالثوابت الدينية القيمة والتي تتمثل أساسا في العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني وإمارة المؤمنين التي هي رمز البيعة الشرعية والتي يتوحد حولها المغاربة قاطبة وحامية للملة والدين، وإلى ما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من الفصل 1 من دستور2011 التي تنص على الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والخيار الديمقراطي.

وتجدر الإشارة إلى أن مدلول الثوابت لغويا هي الأشياء التي لا يجب أن تتغير بتبدل الزمان والمكان وبتبدل الظروف والأحوال، خلافا للمفهوم الاصطلاحي للثوابت التي تترجم وتجسد الاختيارات والقناعات والتوجهات، ولها مجموعة من الدلالات والأبعاد التاريخية والحضارية والدينية والدستوريةوالمجتمعية، زد على ذلك خصوصياتها التي تتمثل في تزكية وتطهير النفس وتربيتها وصلاحها من جميع الأزمات والأحداث من جهة ، والظروف والأحوال من جهة أخرى، وكذا الوسطية والاعتدال سواء تعلق الأمر بالشؤون الدينية أو الدنيوية وإرساء دعائم الدولة المدنية أو الديمقراطية أو القانونية من خلال إمارة المؤمنين باعتبارها حامية الملة والدين وتسهر على وحدة الأمة واستقرارها وثباتها في مختلف ميادين الحياة، بما ينسجم مع روح الثوابت الدينية الوطنية الأربعة والعمل على الاجتهاد داخل هذه الثوابت الراسخة والضاربة في التاريخ المغربي.

ومن جانب آخر، فإن الإنسانية هي روح التلاحم والتآزر والتضامن الإنساني وفق مبادئ وقيم المواطنة التي هي جوهر ثوابت ومقومات الهوية الدينية الإسلامية  ودعائم الدولة المدنية انطلاقا من الحديث الشريف: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.» رواه البخاري ومسلم. وحيث إن مفهوم المواطنة له ارتباط وطيد بالخيار الديمقراطي الذي يستوجب وجود مبادئ والتزام بمؤسسات وتوظيف أدوات وآليات تضمن تطبيقه على أرض الواقع.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *