حقراء الديمقراطية!!!!

علي الغنبوري

صحيح ان الديمقراطية تحتاج لمؤمنين بها و متشبعين بقيمها و مبادئها ، فهي لا تأخد مكانها و لا تكرس منطقها الا بوجود من يحرص على تطبيقها و فرضها كاختيار واحد و موحد لتدبير كل شؤون المجتمع .

لذا فان من يحمل الديمقراطية و يسعى اليها يبقى اهم من الديمقراطية نفسها ، فإن فسد الحامل لها ، فسدت و تشوهت و تحرفت ، و فقدت كل معانيها و اسسها التي تقوم عليها ، و تحولت إلى أداة للتخريب و التدمير الممنهج.

حمل الديمقراطية و المطالبة بها ، لا يعني دائما السعي إلى احقاقها بشكل مجرد ،فاذا كان هناك من يناصر العداء للديمقراطية جهرا و علنا و يسعى الى التصدي لها و الوقوف في طريقها، ترغيبا و ترهيبا ، فإن هناك من يحمل قيم ديمقراطية و يجاهر بها و « يناضل » من اجلها ، و ينظر لها ، و يكرس لها كل وقته ، لكنه في الحقيقة يجعل منها سلعة قابلة للمتاجرة و تحقيق الاهداف الأنانية و الفردية ، و الترقي المجتمعي الأمن تحت غطاء الشعارات الزائفة .

من يحمل الديمقراطية و يسعى الى احقاقها ، يعيش واقعها داخل النطاق الذي يناضل فيه من اجلها ، يتجرع مرارة و الم ظروف الشعب الذي يريد ان يطبقها عليه ، و يقاسمه همومه و تطلعاته و رهاناته ، اما من يستفيد من الفرص و المزايا و العطايا ، التي يمنحها ، « النضال » من اجل الديمقراطية ، في الترقي المجتمعي المخملي ، و الدراسة في الخارج ، و العمل و السفر و الترفيه ، و بناء المستقبل الامن ، إما داخل او خارج حدود الوطن المعني بالنضال الديمقراطي ، فهو ليس الا « قواد » ديمقراطي ، بدون اي مبدأ و بدون اي اخلاق و بدون اي قيمة .

الديمقراطية ليست مجرد كلام منمق ، و نضال انتهازي ، و معارضة بليدة و جاهلة ، و ليست صدام عبثي ، و صراع ظاهري ، بل هي تراكم و نضال مستمر ، و صمود متواصل ، و توافق واعي و مسؤول ، و عيش للواقع و حرص على الانطلاق منه و الاستمرار داخله بهدف تطويره وتغيره .

للاسف هناك من حول الديمقراطية الى مهنة، يعيش على عوائدها ، و يصنع حياته من مداخيلها ، و يستغل كل الفرص المتاحة من الشعارات المزيفة التي لا يتردد في الجهر بها ، و ايهام الناس بها ، في منحى اناني و استرزاقي واضح و بين .

متاجرة هؤلاء لم تقتصر على الديمقراطية فقط ، بل امتدت إلى الوطن ، حيث حولوه هو كذلك إلى سلعة قابلة للتداول و المضاربة ، يظهرون في كل قضية من قضايا الوطن ، عارضين شعاراتهم على المتأمرين عليه ، يشحدون اقلامهم ضده و ضد كل من يدافع عنه .

هل الاصطفاف ضد الوحدة الترابية للوطن، من الديمقراطية في شيء ؟ هل الوقوف ضد المصالح الحيوية للشعب المغربي ، من الديمقراطية في شيء ، هل التحجج بوجود الاستبداد و غياب الديمقراطية مبرر للاعلان العداء للوطن ؟ هل التعصب للراي الواحد و مهاجمة المخالفين و تبني طرح الانتقام ، من الديمقراطية في شيء ؟

الديمقراطية لم تكن في يوم من الايام تدعو لتفتيت الوطن ، و لم تكن أداة للخيانة، و لا أداة للسمسرة و المتاجرة بالاوطان ، و لا اصطفاف بليد و انتقامي مع خصوم و اعداء الوطن ، الديمقراطية هي وطنية اولا ، و اخلاق غير قابلة للتجزيء و التكتيك .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *