سليمان الخشين يكتب: هل يتجه المغرب نحو حكومة وحدة وطنية؟

أثار الخطاب الملكي السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه الميامين العديد من التحليلات السياسية، من بينها إمكانية لجوء جلالة الملك إلى استعمال صلاحياته بمقتضى الفصل 59 من الدستور، والذي يقضي بالإعلان عن حالة الاستثناء، والتي لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا كانت وحدة التراب الوطني معرضة للخطر، أو إذا وقع من الأحداث ما يؤدي إلى تعطيل سير المؤسسات الدستورية.

هنا نتساءل هل يمكن اعتبار جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية مبررا لإعلان حالة الاستثناء؟ أعتقد أن الإجابة ستكون نعم، إذا استمر تفشي الوباء خلال هذه السنة والسنة الموالية التي هي موعد إجراء الانتخابات النيابية. حيث سيكون متعذرا إجراء هذه الانتخابات لأسباب صحية، حيث لا يمكن السماح بتنظيم الحملات الانتخابية وما يصاحبها من تجمعات ومهرجانات خطابية، ولأسباب أخرى مالية، حيث سيكون من المتعذر كذلك توفير السيولة المالية الكافية لتنظيم هذه الانتخابات، خاصة وأن مجهودات الدولة ستكون منصبة على معالجة الوضع الصحي للمغاربة، وفي نفس الوقت العمل على دعم المقاولات الوطنية حتى لا تنهار بفعل هذه الجائحة، وهي إجراءات أعلن عنها جلالة الملك خلال خطاب العرش الأخير. حيث سيتم ضخ مبلغ 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مع العمل على إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي ستكون مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص.

لذلك يتضح أنه ليس هناك حل دستوري لتمديد عمل المؤسسة التشريعية، سوى باللجوء إلى مقتضيات الفصل 59 من الدستور، وهو الفصل الذي يتيح لجلالة الملك صلاحية اتخاذ التدابير التي يمكن من خلالها ضمان عودة السير العادي للمؤسسات الدستورية في أقرب الآجال. ومما لا شك فيه أن من بين هذه الصلاحيات إمكانية الإعلان عن حكومة وحدة وطنية تسهر على اتخاذ تدابير استعجالية من أجل إنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار في ظل التداعيات الوخيمة للجائحة، في ظل التوجيهات والخطة الملكية التي أعلن عنها في خطاب العرش. وهي حكومة لا بد أنها ستتشكل من شخصيات تتمتع بالكفاءة التدبيرية في ظل التخبط والعشوائية التي تميز سير عدد من القطاعات الوزارية. ولكن شك أن هذا الحل سيكون من أنجع الحلول في حالة تعذر إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *