البيجيدي يدعو للتدرج في تخفيف الحجر الصحي ويبسط خطته لإنعاش الاقتصاد الوطني لما بعد كوفيد-19

قدم حزب العدالة والتنمية تصوره لمرحلة ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، داعيا إلى اعتماد التدرج في إجراءات تخفيف الحجر الصحي عبر مراحل بطريقة منسقة، معتبرا أن خطة إنعاش الاقتصاد الوطني يجب أن تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة مستويات تهم الأوراش ذات الأولوية، ودعم العرض والطلب، ودعم المقاولات وفرص الشغل.

وتهدف المذكرة، التي رفعها الحزب إلى رئيس الحكومة، حول “تدبير التخفيف من الحجر الصحي، وبلورة خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، وإعداد مشروع قانون المالية التعديلي”، إلى تقديم آراء ومقترحات الحزب في إطار المشاورات التي أجراها رئيس الحكومة مع الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية والغرف والجمعيات المهنية، وذلك من منطلق انخراط الحزب في الجهد الوطني التضامني في مواجهة جائحة “كورونا” والإسهام في اقتراح وتجويد السياسات والتدابير التي تقتضيها مرحلة ما بعد الجائحة.

وبهذه المناسبة، أكد الحزب على ضرورة استمرار النفس التعبوي الإيجابي والحاجة لمواصلة الانخراط الجماعي المسؤول للأفراد والهيئات والتنظيمات السياسية والنقابية والمدنية والقطاع الخاص والإعلام، لضمان شروط النجاح في تدبير مرحلة ما بعد كورونا صحيا واقتصاديا واجتماعيا، والتجاوب أكثر مع انتظارات وتطلعات المواطنين والمواطنات وعموم الفاعلين.

فبخصوص تخفيف الحجر الصحي، أكدت الوثيقة على أهمية المبادئ الأساسية التي اقترحتها الحكومة في هذا الصدد، “من خلال التدرج باعتماد إجراءات تخفيف ورفع الحجر الصحي عبر مراحل، مصحوبة بتدابير مواكبة، حسب تطور الوضعية الوبائية؛ والبعد الترابي أخذا بعين الاعتبار التفاوت الملاحظ في الوضعية الوبائية بين مختلف الجهات والعمالات والأقاليم؛ وأيضا المرونة وإمكانية المراجعة عند بروز بؤر جديدة أو ارتفاع عدد الحالات، على المستوى الترابي المعني أو البؤرة المعنية؛ فضلا عن التمييز الإيجابي عبر بتوفير حماية أكبر للفئات الهشة صحيا “.

وشددت على ضرورة اعتماد رفع الحجر الصحي بطريقة منسقة، بناء على الدلائل المرجعية التي أعدتها الحكومة لهذا الغرض بتنسيق مع القطاعات المعنية، والسماح باستئناف هذه الأنشطة، مع الإبقاء على التدابير الوقائية التي اتخذت خلال الحجر الصحي، والممارسة المنتظمة لاختبارات الكشف على المصابين والمخالطين وإيلاء عناية خاصة بالمسنين وبالأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، وكذا مواصلة التحسيس واليقظة وتعبئة كل المواطنين لمواصلة الانخراط في هذه المرحلة على غرار مرحلة الحجر الصحي.

واعتبر الحزب أن الإجراءات الاحترازية المتخذة مكنت، على الخصوص، من التحكم في وتيرة انتشار الوباء، وتقوية المنظومة الصحية الوطنية، وتمكينها من رفع كفاءتها، ومن توسيع قدرتها الاستيعابية؛ وتفعيل وتقوية منظومة الرصد الوبائي؛ مؤكدا على شروط التخفيف التي حددتها الحكومة، والمتمثلة في مواصلة قدرة المنظومة الصحية، وتوفير مستلزمات اختبار الأشخاص، وإنشاء تطبيق معلوماتي للإشعار وتتبع الحالات المحتملة التي تعرضت لفيروس كورونا الجديد، وتوفير مخزون كاف من معدات الحماية الشخصية.

وبسط حزب العدالة والتنمية، في مذكرته، خطة لإنعاش الاقتصاد الوطني، التي يرى أنها ينبغي أن تنبني على تعبئة كبيرة وشاملة لتسريع وتيرة إنجاز الإصلاحات الهيكلية والقطاعية وتنفيذ الأوراش ذات الأولوية والمشاريع الكبرى لتنشيط الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستثمار وإنعاش سوق الشغل، وتوسيع الحماية الاجتماعية وتقليص الفوارق.

واعتبر أن الأجوبة المقدمة لضمان الاستئناف الناجح بطريقة متضافرة وشاملة ومنظمة يجب أن تكون الأجوبة المقدمة لضمان الاستئناف والانتعاش الناجح بطريقة متضافرة وشاملة ومنظمة وتأخذ في الاعتبار ثلاث مستويات متكاملة، وهي الأوراش ذات الأولوية، ودعم العرض والطلب، ودعم المقاولات وفرص الشغل.

فعلى مستوى الأوراش ذات الأولوية، ركز الحزب على ضرورة الاسترسال في تعزيز المنظومة الصحية وتجويد حكامتها ومواصلة الإجراءات المتخذة لصالحها إبان مواجهة جائحة كورونا، مع تحفيز وتعزيز الموارد البشرية العاملة في هذه المنظومة بالرفع من مردوديتها ومضاعفة أعدادها.

وعلى مستوى منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، نادى الحزب باعتماد مشروع متكامل للتعليم عن بعد وتطوير نموذج للمدرسة والجامعة المغربية الافتراضية بمختلف متطلباتها القانونية والبيداغوجية والتقنية، لافتا، في هذا الصدد، إلى ضرورة توجيه جزء خاص من الدعم المخصص للفئات المحتاجة لفائدة التلاميذ المنحدرين من أسر فقيرة من أجل تمكينهم من أدوات التعلم عن بعد، وأيضا معالجة الارتباك الحاصل على مستوى وضعية مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي من خلال التسريع بمراجعة القانون المتعلق بالتعليم المدرسي الخصوصي بما يتلاءم مع المقتضيات ذات الصلة في القانون الإطار.

ودعت مذكرة الحزب أيضا، بخصوص تطوير شبكات الأمان الاجتماعي وإدماج القطاع غير المنظم، لتسريع برنامج تعميم التغطية الصحية والاجتماعية وإدماج القطاع غير المنظم، معتبرة أن تسريع تنزيل السجل الاجتماعي الموحد يشكل فرصة لضمان التنسيق والاندماج والشفافية في العمل الاجتماعي من قبل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، فضلا عن توفير الحد الأدنى من الدخل بالنسبة للأشخاص غير القادرين على العمل، مما سيشكل فرصة من أجل تحقيق العدالة والكرامة والتماسك الاجتماعيين والرفع من الإنتاجية.

ودعت وثيقة الحزب كذلك، في إطار الأوراش الأولوية، لتسريع تنفيذ برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وأيضا مواصلة سد الفجوة الرقمية وتسريع التحول الرقمي وجعل التكنولوجيا والرقمنة في قلب السياسات العمومية الوطنية، من خلال تسريع مواصلة تنفيذ خريطة الطريق للتحول الرقمي وبرنامج تعميم ربط التراب الوطني بالأنترنيت والمخطط الوطني للصبيب العالي والعالي جدا وتطوير الشبكة البينية للألياف البصرية، بالاعتماد على الإمكانيات المالية التي يوفرها الصندوق الخاص بالخدمة الأساسية للمواصلات.

وعلى مستوى دعم العرض والطلب، طالبت وثيقة الحزب، في ما يتعلق بدعم الطلب، إلى تسريع وتيرة برمجة وإنجاز المشاريع ومواصلة المجهود الاستثماري العمومي للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، بما يعالج التأخر الحاصل في بعض المناطق على مستوى البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية، عبر اعتماد جدولة الاستثمارات المبرمجة منذ سنوات.

أما بخصوص العرض، فقد ركز الحزب على الدور المحوري والحيوي للجان الجهوية الموحدة للاستثمار، حيث يجب إعطاء انطلاقة جديدة من خلال تسريع اتخاذ القرارات بشأن المشاريع الاستثمارية بما سيعود بالنفع على الاستثمار والتشغيل، داعيا أيضا إلى إعادة النظر في منظومة التحفيزات الجبائية والعقارية والدعم المالي العمومي، وتوجيهها نحو الاقتصاد الحقيقي والاستثمار المنتج والتصنيع المحلي.

كما ينبغي، حسب الوثيقة، استثمار الإمكانيات والفرص الجبائية المتاحة على مستوى الجماعات الترابية بتبسيط وتخفيض عدد الضرائب والرسوم وتخفيض العبء الضريبي الإداري دون المردودية الثابتة.

وباعتبار قطاع السياحة، والحرف اليدوية والمهن المرتبطة بالقطاع أكبر القطاعات المتأثرة بهذه الأزمة، أكد الحزب على ضرورة تقديم الدعم المشترك للعرض و الطلب، داعيا إلى اعتماد خطة خاصة بهذا القطاع للحفاظ على قدراته الإنتاجية ومناصب الشغل، وتشجيع السياحة الداخلية والحرف اليدوية.

كما أن تشجيع وتسهيل المبادرة والاستثمار الخاص ومواصلة الرقي في سلم مناخ الأعمال، يقتضي الحرص على تخصيص الموارد التي ستتم تعبئتها لدعم العرض والطلب، دعما لإحداث الثروة الوطنية والنمو، ومواصلة مجهود تعزيز المنافسة ووضع حد لاقتصاد الريع وتكريس الممارسات الجيدة في المجال الاقتصادي والتجاري بصفة خاصة، وكذا استمرار جهود محاربة الفساد والإثراء غير المشروع.

أما بالنسبة لدعم المقاولات وفرص الشغل، أبرزت وثيقة الحزب الحاجة لآليات تمويل مدعومة من قبل الدولة لتجاوز تداعيات هذه المرحلة الوبائية، معتبرة أن تقوية رأس مال هذه الشركات وتمويل الاستثمار العمومي يمكن أن يتم من خلال إنشاء صندوق استثماري بمساهمة كل من الدولة وبعض المؤسسات العمومية من خلال صندوق الحسن الثاني للتنمية، وصندوق الإيداع والتدبير، وصندوق الضمان المركزي وغيرها وبمشاركة القطاع الخاص وكذا من خلال إشراك بعض المنظمات المالية الدولية المتخصصة في التمويل عبر المساهمة في رأس المال من مثل شركة التمويل الدولية أو البنك الأوروبي للاستثمار لتقديم الدعم لرأس مال هذه الشركات وتمويل الاستثمار العمومي.

وفي معرض الحديث عن إشكالية تمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا والصعوبات، دعت الوثيقة إلى التفكير من جديد في إنشاء بنك متخصص ومخصص للمقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جدا، أو من خلال تطوير صندوق الضمان المركزي أو إنشاء بنك مخصص.

وعلى مستوى السياسة النقدية، شدد الحزب على ضرورة التأقلم مع الظروف الراهنة، من خلال اعتماد سياسة نقدية توسعية داعمة للتشغيل وللعرض والطلب، تمكن من توفير السيولة اللازمة للأبناك وضخها في الاقتصاد الوطني لتمويل الاستثمار بمعدلات منخفضة، وكذا التسريع بإخراج المنظومة الكاملة وكل منتوجات التمويل التشاركي.

كما تستوجب هذه المرحلة، يضيف الحزب، بالخصوص اعتماد تدابير وقرارات ظرفية واستثنائية من أجل دعم إنعاش الاقتصاد الوطني وتيسير ولوج الأسر والمقاولات والتجار والمهنيين والحرفيين إلى التمويلات البنكية بشروط ميسرة وبفوائد تفضيلية استثنائية. مقترحا في هذا الشأن، ولفترة معينة، متزامنة مع خطة الإنعاش الاقتصادي، تخفيض سعر الفائدة الرئيسي من 2 إلى 1 بالمائة، وتخفيض هامش ربح الأبناك من 2 إلى 1 بالمائة، لتصبح الآليات التمويلية الجديدة التي اقترحتها لجنة اليقظة بسعر فائدة 2 بالمائة.

وبخصوص إعداد مشروع قانون المالية التعديلي، أكد حزب العدالة والتنمية أن القانون يكتسي بعدا استراتيجيا كبيرا، إذ سيعطي إشارات ورسائل للمجتمع وللفاعلين والمستثمرين من الداخل والخارج من خلال إعطائه دفعة قوية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتسريع مجموعة من السياسات والبرامج والمشاريع العمومية، ودعم تموقع المغرب على مستوى إعادة توزيع وتوطين سلاسل الإنتاج والتوزيع على المستوى العالمي.

فعلى مستوى المحور الاجتماعي وتقليص الفوارق الاجتماعية والفوارق المجالية، تقترح الوثيقة، على الخصوص، تعزيز الأولويات والتوجهات الاجتماعية للحكومة ودعمها بالاعتمادات المالية اللازمة، وإطلاق استراتيجية وطنية “من أجل تغطية اجتماعية شاملة” بإقرار التحفيزات اللازمة لتسريع تعميم الحماية الاجتماعية، وتقوية البرامج الاجتماعية، وخصوصا المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج “تيسير”، والمنح الجامعية، وبرنامج “راميد”، ودعم النساء الأرامل والأشخاص في وضعية إعاقة.

كما تدعو الوثيقة إلى استثمار موارد “صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية”، عبر إقرار تعديل يسمح بتوجيه جزء من اعتماداته لمعالجة تداعيات حالة الطوارئ الصحية،ومواصلة تعزيز المنظومة الصحية ودعم الاستثمار في القطاع الصحي بالرفع من القدرة الاستيعابية والموارد البشرية والتجهيزات والمستلزمات الطبية وتحقيق الأمن الدوائي، فضلا عن الزيادة في نسبة دعم البحث العلمي والابتكار وإعطاء الأولوية للمجالات ذات الصلة بحاجة البلاد التنموية بالإعلان عن طلبات عروض ذات أفضلية بتمويل خاص، مع تشجيع المقاولة على الاستثمار في الابتكار وتحويل المشاريع التي تفرزها مراكز البحث إلى الإنتاج والتسويق.

ولدعم العرض والطلب، اقترحت الوثيقة إطلاق استراتيجية وطنية “من أجل إدماج القطاع غير المهيكل” بإقرار التحفيزات اللازمة لإدماجه، وإعادة ترتيب الأولويات في مجال الاستثمار والطلبيات العمومية بالتركيز على الاستثمار الموجه نحو تشجيع التشغيل ودعم الإنتاج الوطني والمقاولة الوطنية؛ والزيادة في نسبة دعم الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية ونسبة الصفقات العمومية المخصصة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، ودعم الإنتاج والاستهلاك المحليين وتشجيع المنتوج الوطني وتوفير الحماية اللازمة للاقتصاد والمنتوج الوطني.

كما أوصت بتوفير الظروف الملائمة لجذب الاستثمار والاستفادة من فرص إعادة توزيع سلاسل الإنتاج على المستوى الجهوي، عوض المستوى العالمي، لمعالجة الإشكاليات التي أفرزتها الجائحة والمرتبطة بالسيادة الصناعية والاكتفاء الذاتي من مواد أساسية واستراتيجية؛ وتسريع وتيرة إنجاز المناطق الصناعية وتطوير مناطق لوجستيكية جديدة في مختلف جهات المملكة؛ ودعم السياحة الداخلية والصناعة التقليدية والتجارة الداخلية.

ويرتكز مقترح الحزب في معالجة صعوبات المقاولات والتجار والحرفيين على إقرار الإعفاء التام من الغرامات المالية وكل الرسوم المرتبطة بعوارض الشيكات والكمبيالات في فترة الطوارئ الصحية بالنسبة للتجار والمهنيين والحرفيين؛ وإعفاء التجار والصناع التقليديين والمهنيين والحرفيين من الرسوم المحلية المرتبطة بممارسة أنشطة تجارية أو صناعية أو مهنية بالنظر لتوقف هذه الأنشطة بناء على قانون الطوارئ الصحية.

كما اقترحت الوثيقة إقرار الإعفاء من الزيادات والغرامات والذعائر وصوائر التحصيل المترتبة على كل المتأخرات التي لم يتم تحصيلها برسم الضرائب الوطنية والرسوم والمكوس الجمركية والضرائب والرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات؛ وإحداث مساهمة موحدة للتجار والمهنيين والحرفيين والصناع التقليديين الذين يمارسون أنشطة ذات الدخل المحدود.

ولمعالجة صعوبات الجماعات الترابية، يدعو حزب العدالة والتنمية، على الخصوص، إلى اعتماد دعم مالي استثنائي لمعالجة إشكالية التراجع الكبير لموارد الجماعات ارتباطا بهذه الجائحة في مقابل استقرار نفقاتها الإجبارية والضرورية، وذلك على غرار ما تم اعتماده مع باقي المؤسسات العمومية وغيرها؛ وتعليق المستحقات البنكية على الجماعات الترابية اتجاه صندوق التجهيز الجماعي خلال هذه السنة.

ولم يفت حزب العدالة والتنمية التأكيد على أن مرحلة ما بعد كورونا تشكل فرصة ذهبية لتعزيز وتسريع عملية الإصلاحات وجهود التنمية البشرية التي تقوم بها المملكة منذ عدة سنوات، مع استحضار العديد من القيم الأصيلة للمجتمع المغربي والتي أبرزتها بشكل أكبر هذه الأزمة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *