التفاوض الدولي في مجال الترسانة النووية

محمد البغدادي (باحث في مركز الدكتوراه في تخصص القانون الخاص كلية الحقوق بطنجة)

أصبح من المعلوم في المشهد الدولي اليوم بأن هناك 5 دول أعلنت أنها تمتلك أسلحة نووية، وقامت بتوقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة والصين، كما أن هناك دولتان أعلنتا امتلاكهما لأسلحة نووية دون أن توقعا على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وهما باكستان والهند، وكذا كوريا الشمالية التي أعلنت رسميا عن امتلاكها لأسلحة نووية لكنها لم تقدم أدلة ملموسة حول إجراء اختبار لقنبلتها النووية، ويحيط الكثير من الغموض بالملف النووي الكوري. وعلى النقيض من كوريا الشمالية كانت جنوب أفريقيا تمتلك في السابق ترسانة نووية لكنها قررت تدميرها.

كما أن هناك شكوك كبيرة في امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية، غير أن الحكومات الإسرائيلية لم تعلن أو تنكر رسميا امتلاكها لأسلحة نووية حتى الآن، حيث وجهت مؤخرا اتهامات إلى إيران من قبل الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية بامتلاكها قنابل المواد المخصبة، وهي نوع من الأسلحة النووية الانشطارية، ولكن إيران نفت هذه الاتهامات؛ كما أصدرت فتوى بتحريم السلاح النووي من قبل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي الخامنئي في عام 2003 ، حيث تعتبر استخدام هذه الأسلحة وسائر صنوف أسلحة الدمار الشامل كالأسلحة الكيمياوية والبيولوجية خطراً حقيقياً على البشرية ،وبالتالي حرامًا وقامت منظمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء عمليات تفتيش على مختلف المفاعلات النووية الإيرانية عدة مرّات، منها مفاعل أراك في يوليو 2007 ومنشأة فوردو في أكتوبر 2009، حيث أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في 10 نوفمبر 2017 علی تنفيذ إيران لالتزاماتها المتصلة بالطاقة النووية بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة المتفق عليها في عام 2015، قائلا إنّ إيران تخضع الآن لنظام التحقق النووي الأكثر قوة في العالم. وقد وسع مفتشونا إمكانية الوصول إلى المواقع، ولديهم مزيد من المعلومات حول البرنامج النووي الإيراني.

وتجدر الإشارة إلى أن نائب ممثل الصين لدى الأمم المتحدة جينغ شوانغ ، أكد بتاريخ 13 أكتوبر 2020 أن بلاده ترفض وبشكل قاطع المشاركة في أي محادثات للحد من الأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة، كون ترسانتها أصغر مما لديهما.، حيث أن « الصين لم ولن تشارك في أي سباق تسلح نووي مع أي دولة، بالنظر إلى الاختلاف الهائل في الترسانات النووية للصين من ناحية، والولايات المتحدة وروسيا من ناحية أخرى، فإنه من الظلم والعبث وغير الواقعي توقع مشاركة الصين في أي مفاوضات ثلاثية للحد من التسلح، كما أن رفضنا للمفاوضات الثلاثية لا يعني رفض المشاركة في نزع السلاح، مشيرا إلى أن بكين دعت مرارا إلى فرض حظر كامل على الأسلحة النووية وتدميرها.، كما واشنطن أصبحت مؤخرا الخطر الرئيسي على الاستقرار والأمن الدوليين، فقد واصلت الانسحاب من المعاهدات الدولية، وتقويض الحد من التسلح الثنائي والمتعدد الأطراف، كما أن معاهدة « ستارت 3 » بين موسكو وواشنطن سينتهي العمل بها في فبراير 2021، وفي حال وافق البلدان على تمديدها، فقد يكسر الجمود الحاصل بينهما وتم التوقيع على المعاهدة عام 2010 من قبل رئيس روسيا والولايات المتحدة آنذاك دميتري مدفيديف وباراك أوباما، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2011، وتنتهي في فبراير 2021.

كما أن مطالبة الولايات المتحدة بتوسيع أطراف المحادثات النووية التي تجريها مع روسيا لتضم الصين على وجه الخصوص، أدى المتحدث الرسمي باسم سفارة الصين في المملكة المتحدة بتاريخ 26 غشت 2021 إلى تأكيد أن بكين لن تشارك في محادثات الحد من السلاح النووي، حيث إنها لن تقبل أي إكراه أو ابتزاز لإجبارها على الخوض في هذه المحادثات النووية.

وإلى جانب ذلك ،فرض الإدارة الأمريكية بتاريخ 9 غشت 2021 عقوبات على ثلاثة كيانات روسية اتهمتها بانتهاك قانون أمريكي يحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل في إيران وكوريا الشمالية وسوريا . وبحسب وكالة أنباء « تاس » الروسية، نشرت وزارة الخارجية الأمريكية إشعارًا في هذا الصدد اليوم الإثنين في السجل الفيدرالي، ويظهر أن القرار تم اتخاذه في 29 يوليو 2021، والكيانات الروسية المستهدفة هي مؤسسة البحث والإنتاج « بولسار »، وشركة تأجير الطائرات « جرين لايت موسكو » و »آسيا إنفست » الروسية .

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بقوة هو:هل ستنجح الولايات المتحدة الأمريكية في التفاوض والجلوس على طاولة الحوار والنقاش مع التحالف الصيني الروسي بشأن الترسانة النووية؟

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *