المقاربة الإفريقية بين ضعف عمل مجلس الأمن والسلم الإفريقي وتحديات الاستثمار والتنمية

الدكتور محمد البغدادي (باحث في مركز الدكتوراه في تخصص القانون الخاص كلية الحقوق بطنجة)

الأكيد أن القارة الإفريقية اليوم ، تعيش حزمة من العوائق والإكراهات التي تحد من تطور وتجويد عمل مجلس الأمن والسلم الإفريقي وتحقيق الأهداف  الكبرى والأدوار الطلائعية التي أسس من أجلها ، و على وجه الخصوص حماية سيادة الدول والدفاع عن حقوق الإنسان وتشجيع على ترسيخ الديمقراطية من طرف الأنظمة الحاكمة داخل شعوبها والحد من النزاعات الدولية وضمان الوساطة الدبلوماسية، حيث يسهر على تنفيذ القرارات الصادرة عن القمم الإفريقية والمفوضية السامية الإفريقية ومجموعات البرلمان الإفريقي، وذلك باعتباره أحد الأجهزة التقريرية والتنفيذية داخل منظمة الاتحاد الإفريقي.

 وتجدر الإشارة إلى أن ضعف عمل مجلس الأمن والسلم الإفريقي الذي تم إنشائه في قمة ديربان بجنوب إفريقيا سنة 2002 ، وتم المصادقة عليه سنة 2004 ، و كذا حجم تحديات الاستثمار والتنمية يرجع أساسا إلى الوضع السياسي والديمقراطي المتردي للدول الإفريقية ، وخضوع الأنظمة السياسية الإفريقية لبعض ديكتاتوريات القوى العالمية الذي لها ارتباط بالاستعمار ، وهشاشة التكوين العسكري وتزويد الأسلحة المتطورة ، وذلك بسبب عدم توفر الدول الإفريقية الإمكانيات اللوجستيكية والتقنية والتكوينية والبشرية لردع الأخطار والتهديدات الأمنية، باستثناء المغرب والجزائر ومصر وجنوب إفريقيا ونجيريا ، وكذا غياب الأمن الغدائي  بسبب وجود 50 مليون من الأفارقة يعيشون في ظروف المجاعة وسوء التغذية، وفقدان الأمن المالي أو النقدي بحيث أن مديونية إفريقيا تجاوزت  185 مليار دولار في سنة 2020 ، ومنها 30 مليار من حيث الفوائد ، وبالتالي فالقارة الإفريقية دخلت بما يسمى بعدم القابلية البنكية، هذا فضلا عن عدم وجود الأمن الاستراتيجي من خلال استغلال 30 في المائة من عائدات القارة الإفريقية على الرغم من أن القارة الإفريقية غنية من الخيرات الطبيعية والطاقية والمعدنية ، وزعزعة الأمن الطاقي من خلال رصد 120 مليار دولار  كمساعدة  للتحول الطاقي في إفريقيا في مؤتمر المناخ غلاسكو لسنة 2021  في ظل وجود أزمة الكهرباء والغاز الطبيعي في القارة الإفريقية، وضعف الأجهزة الإستخباراتية للدول الإفريقية ، زد على ذلك تم المساس بالأمن الروحي من خلال اختراقات التيارين العنيفين الإنجيلي الأمريكي و الشيعي الإيراني لدى الدول الإفريقية، و ضعف الأمن الصحي من خلال حصول القارة الإفريقية على  30 مليون جرعة في إطار برنامج كوفاكس ، مع  العلم أن عدد الوفيات التي لم يأتي إحصائها يكورونا  تتجاوز ست مائة ألف ضحية من وباء كوفيد 19  ، و كذا انعدام الأمن البيئي من خلال غياب الماء واستنزاف الطاقات الغابوية وتزايد التصحر.

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بحدة هو: كيف يمكن استخدام المقاربة الإفريقية الشاملة والمندمجة في معالجة الأزمات والتوترات التي تعرفها القارة الإفريقية ؟ وبعبارة أخرى هل الدولة الإفريقية جادة في مقاربتها الجديدة في مواجهة التحديات الأمنية والإستراتيجية من خلال تأهيل وتحديث عمل مجلس الأمن والسلم الإفريقي؟.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *