صحيفة : العالم على حافة المجاعة بسبب أوكرانيا

علقت صحيفة “إندبندنت” في افتتاحيتها على خيارات الغرب في تعامله مع المجاعة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا. ومن الخيارات، التقاعس عن العمل، وهو الصمت الذي يصم الآذان الذي بدا في قمة مجموعة الدول السبع.

وقالت الصحيفة “في الكثير من الأحيان، ما لا يتمخض عليه في قمة دولية هو الأهم، وهذا ينطبق بشكل مفجع على قمة الدول السبع”.

فقد تجاهل قادتها، كما تقول الصحيفة، المجاعة المنتشرة على نطاق واسع نتيجة للغزو الروسي ضد أوكرانيا. وبسبب الحرب، وزرع البحرية الروسية المياه حول ميناء أوديسا بالألغام، فهناك ملايين من أطنان الحبوب وزيت النخيل عالقة في المخازن تنتظر التصدير، أو سرقت ونقلت إلى روسيا. وهي أطنان من المفترض أنها ستطعم الشعوب في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا. وعندما نشاهد طوابير أمام المخابز في أوكرانيا فعلينا أن نقلق. ولدى الغرب ثلاثة خيارات كلها محفوفة بالمخاطر وليست مستساغة.

الخيار الأول، هو التقاعس عن العمل كما بدا في قمة الدول السبع، وهذا يعني التخلي عن ملايين الناس من اليمن إلى غانا وتركهم للجوع. وكما هو الحال، فمن يقبعون في القاع يجوعون أولا، وسيتبعهم الكثيرون مع زيادة أسعار المواد الغذائية في الأسواق. وهو وضع مريع، وزادت من خطورته، حقيقة أن المحاصيل المقبلة ستكون نصف الكمية الطبيعية بسبب الحرب وتشريد المزارعين الأوكرانيين.

وستزيد التغيرات المناخية والمواسم الفقيرة في مناطق أخرى من العالم، الوضع سوءا. وعلى أي حال، فالوضع مرشح لأن يتطور للأسوأ. وإضافة إلى الأزمة الإنسانية المحتومة، فإن عدم الاستقرار الناجم عنها في مناطق واسعة من العالم، سيقود إلى أعمال شغب، ويثير نزاعات ويدفع بموجات هجرة جديدة إلى الغرب. وتعلق الصحيفة أن الضغوط الدولية لتوفير الطعام الكافي للأمعدة الخاوية سيجبر الدول الغنية على التحرك، ولكنه سيكون متأخرا بالنسبة للبعض.

أما الخيار الثاني، وهو ما اقترحه الكرملين، أي سماح روسيا بممرات آمنة للحبوب وزيت الطعام من أوكرانيا وعبر البحر الأسود إلى شمال أفريقيا وما بعدها، لو تم تخفيف العقوبات. وهذا نوع من الابتزاز الذي سيعجّل من هزيمة أوكرانيا. فالعقوبات وخاصة المتشددة منها، تحتاج إلى وقت كي تترك آثارا، في ظل استمرار أوروبا باستيراد الغاز الروسي. ولأن روسيا قادرة على التحكم بالزراعة الأوكرانية، مباشرة وبشكل غير مباشر، فإنها ستكون قادرة على جعل أوروبا وبقية العالم رهينة مطالبها. ولن يوقف هذا طموحات فلاديمير بوتين لإحياء الإمبراطورية الروسية.

أما الخيار الثالث، فهو اللجوء إلى فتح ممرات آمنة بالقوة، بشكل يسمح بمرور أطنان الحبوب والزيت من ميناء أوديسا. وخيار كهذا، يقتضي تعاونا دوليا غير مسبوق. وحتى ينجح، يجب أن يتم دعمه من خلال “تحالف المستعدين”، ولا ينحصر بالناتو فقط، بل تدعمه قوى بحرية تابعة لعدة دول، حتى لو شاركت دول بقوات رمزية.

ويقتضي هذا الخيار، إنشاء مظلة ضخمة تسيطر على المياه الأوكرانية والدولية لمنع الروس من محاولة إغراق السفن. ولا يمكن تحقيق هذا الخيار بدون إقناع تركيا، حارسة بوابة البحر الأسود، والضامنة لمعاهدة مونترو الدولية، كي تسمح بالحركة العسكرية في البحر الأسود. وحتى هذا الوقت، أثبت الرئيس رجب طيب أردوغان أنه حليف غير واضح، مع أن جهوده لتحقيق السلام قد تكون مخلصة.

وربما تم حث الرئيس التركي على إغضاب الكرملين من خلال ضغوط مجتمعة وحوافز صديقة من الحلفاء في الناتو، والجيران في الاتحاد الأوروبي. وليس من مصلحة تركيا طويلة الأمد، أن تكون لها جارة توسعية مثل روسيا وتثير المشاكل في الجوار. ولا تحتاج إلى موجة من الانقلابات والعنف بشكل يردد صدى الربيع العربي في المنطقة، وفي النهاية فروسيا وتركيا هما خصمان طبيعيان.

لكن السبعة الكبار، لم يعالجوا أياً من الخيارات هذه غير المريحة. ومع مرور كل يوم بدون تحرك حاسم، فهناك فرصة أن تجبر روسيا العالم على الخضوع من خلال الجوع. ويجب ألا يساور أحد الشك أن بوتين مستعد للتضحية بمزيد من الأوراح من أجل تنفيذ مشروعه المصاب بجنون العظمة، بحسب ما تقول الصحيفة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *